طمأنها رالف: «لن يكون الأمر كذلك عندما تعتادين عليها.» رالف هو كبير الميكانيكيين في مزرعة ويلر، وعندما لا يجد ما يفعله مع أدوات المزرعة والسيارات، كان يذهب إلى المدينة ويشتري آلات من أجل المنزل. وبمجرد أن تعتاد ماهيلي على استخدام غسالة أو ممخضة ما، كان يحضر رالف إلى المنزل واحدة أخرى أحدث كي يواكب مسيرة الاختراعات المتسارعة. لم تتمكن قط من استخدام غسالة الأطباق الميكانيكية، والمكاوي المسطحة والأفران التي تعمل بالزيت ذات العلامات التجارية كانت تدفعها للجنون.
طلب كلود من والدته أن تصعد إلى الطابق العلوي وترتدي ملابسها؛ كان سينظف الفرازة ريثما يجهز رالف السيارة. كان لا يزال يعمل على ذلك عندما أتى أخاه من المرآب كي يغسل يديه.
صاح غاضبا: «يجب ألا تثقل كاهل والدتك بأعمال مثل تلك يا رالف. هل جربت من قبل أن تغسل هذه الآلة اللعينة بنفسك؟» «بالطبع فعلت ذلك من قبل. إذا كان بإمكان السيدة دوسن فعل ذلك، فأعتقد أن أمي تستطيع.» «السيدة دوسن أصغر في السن. على أي حال، لا جدوى من تدريب ماهيلي وأمنا على استخدام الآلات.»
رفع رالف حاجبيه ردا على فظاظة كلود. وقال محاولا الإقناع: «اسمعني، لا تشجعها أنت على الاعتقاد بعدم إمكانية تغييرها لطرقها. بإمكان والدتنا التعامل مع كل ما نحضره من أجهزة موفرة للجهد والوقت.»
ضرب كلود الأقماع المعدنية المتدرجة التي يزيد عددها عن الثلاثين، التي كان يحاول تركيبها بتسلسلها الصحيح. «لا بأس، إن كان هذا سيوفر الجهد والوقت حقا.»
قهقه الفتى الأصغر وركض إلى الطابق العلوي كي يجلب قبعة بنما الخاصة به. لم يتشاجر مع أخيه البتة. في بعض الأحيان، كانت تتعجب السيدة ويلر من تحمل رالف لكلود.
بعدما انطلق رالف ووالدته بالسيارة، ذهب السيد ويلر كي يرى جاره الألماني جاس يودر الذي اشترى لتوه ثورا غير مهجن. كان دان وجيري يلعبان لعبة رمي حدوات الخيول على أحد الأوتاد خلف الحظيرة. كلود أخبر ماهيلي أنه ذاهب إلى القبو لوضع الرف المعلق الذي كانت تريده؛ حتى لا تستطيع الفئران الوصول إلى خضراواتها. «شكرا لك سيد كلود. لا أعلم ما الذي يجعل الفئران بهذا السوء. إن القطط تمسك تقريبا بواحد كل يوم.» «أظن أنها تأتي من الحظيرة. لدي لوح عريض ومتين في المرآب ينفع لعمل الرف.» القبو كان مغطى بالأسمنت ورطبا وجافا، ويحتوي على خزانات عميقة لتخزين الفاكهة المعلبة والدقيق وأغراض البقالة، وصناديق للفحم وأكواز الذرة، وغرفة مظلمة مليئة بمعدات التصوير الفوتوغرافي. أخذ كلود مكانه على منضدة النجارة تحت إحدى النوافذ المربعة. أشياء غامضة كانت منثورة من حوله في الشفق الرمادي؛ بطاريات كهربائية، دراجات قديمة وآلات كاتبة، ماكينة لصناعة أعمدة السياج الخرسانية، فرن لتصليد المطاط، ستريوبتكون بعدسة مكسورة. كانت تخزن في هذا المكان الألعاب الميكانيكية التي لا ينجح رالف في تشغيلها، وكذلك تلك التي سئم منها. إذا تركت هذه الألعاب في الحظيرة، كان يراها السيد ويلر كثيرا، وفي بعض الأحيان كان يبدي عليها تعليقات ساخرة إن اعترضت طريقه. توسل كلود إلى والدته كي تسمح له أن يجمع هذه الأشياء المبعثرة في عربة ويدفنها في حفرة عميقة على امتداد النهير، ولكن السيدة ويلر نهرته وقالت له إنه يجب ألا يفكر في ذلك؛ لأنه بهذا كان سيؤذي مشاعر رالف. وتقريبا في كل مرة كان يذهب فيها كلود إلى القبو، كان يأخذ قرارا منفعلا بأن يخلي المكان في يوم ما، ويقول في نفسه بمرارة بأن الأموال التي تنفق على هذا الحطام كان يمكن أن تكفي مصاريف الجامعة لأي فتى.
لما كان كلود يسوي بالفأرة اللوح الذي أراد أن يدليه من الروافد، تركت ماهيلي عملها ونزلت كي تشاهده. تظاهرت قليلا بأنها أتت لتأخذ بعض البصل المخلل، ثم جلست على صندوق بسكويت، وعلى مقربة منها كانت توجد «أرجوحة بزنبرك» منجدة بنسيج قطيفة ومكسورة منها إحدى ذراعيها، ولكنها لم تظن أنه من الأدب أن تجلس عليها. كان في عينيها شيء من الرضا الناعس بينما كانت تتبع حركات كلود. راقبته كأنه طفل صغير يلعب. استقرت يداها على نحو مريح على حجرها. «لم يزرنا السيد إرنست منذ مدة طويلة. لا أظنه متضايقا من شيء، أليس كذلك؟» «أوه، كلا! إنه مشغول للغاية هذا الصيف. رأيته في المدينة أمس. ذهبنا إلى السيرك معا.»
ابتسمت ماهيلي وأومأت. «جميل. يسعدني أن تحظيا بوقت طيب معا. السيد إرنست فتى طيب، طالما أحببته بشدة. إنه فتى صغير مع ذلك. إنه ليس كبيرا مثلك، أليس كذلك؟ أظن أنه لا يبلغ حتى السيد رالف في طول القامة.»
قال كلود بين ضربات تثبيت الرف: «هذا صحيح. ولكنه قوي وينجز قدرا كبيرا من العمل.» «أوه، أعلم! أعلم أنه كذلك. أعلم أنه يعمل بجد. كل الأجانب يعملون بجد، أليس كذلك يا سيد كلود؟ أعتقد أنه أحب السيرك. ربما ليس لديهم سيرك مثل الذي عندنا، في المكان الذي أتى منه.»
অজানা পৃষ্ঠা