ওয়াহাত উমর: স্বাতন্ত্র্যপূর্ণ জীবনী: প্রথম অংশ
واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول
জনগুলি
فتساءل كيف أغفل قصيدة شهيرة مثل تلك القصيدة، ولم يقتنع بما ذكرته عن عدم إدراج إليوت لها في المختارات، وأكد لي أن الحديث الإذاعي لن يكتمل إلا بها؛ ومن ثم اتجهنا إلى المكتبة وأتينا بديوان الشاعر، وفي دقائق كنت أعددت ترجمة منظومة للأبيات الأولى منها، مما أدهشه دهشة واضحة، فقال فلنضف الأبيات إلى الحديث ففعلنا، وانتهينا من التسجيل في أقل من نصف ساعة، وانصرفت على أن يرسل لي العقد الخاص بكتابة الحديث بالبريد، يتلوه الشيك. وكان العنوان الذي أعطيته إياه هو عنوان المنزل الجديد الذي انتقلت إليه في أكتوبر، وهو منزل قديم بني قبل الحرب العالمية الأولى، فبدت عليه دلائل الهرم، ولذلك قصة موجزة.
بعد أن انتقل سامي أبو طالب إلى بيت الطلاب، كان علي أن أبحث عن مسكن آخر بسرعة، وفي المنطقة نفسها، لأنني أصبحت أعرفها، وحيث يقيم عدد من إخواني المصريين، وحيث ألتقي بهم في نهاية الأسبوع أحيانا؛ مثل فؤاد أبو حطب، وحامد زهران، وحسنين ربيع وغيرهم، وقد تعرفت في منزل حامد زهران الذي كان تخرج في قسم الجغرافيا ولكنه كان يدرس التربية وعلم النفس، على سمير رضوان الذي كان يدرس الاقتصاد، وكان يتحدث عن الاشتراكية بحماس وإيمان منقطع النظير، ثم دار الزمان وسمعت صوته أثناء مقامي شهرا في جنيف للعمل بالترجمة في الأمم المتحدة عام 1992م، سمعت صوته في التليفون يسأل عن محمد العليمي، أحد خريجي القسم والعاملين بالأمم المتحدة، ولما سألت إن كان المتحدث هو الشخص نفسه الذي تفوق في جامعة كيمبريدج وكان من أبرز الدارسين ودعاة الاشتراكية، جاءني الرد بالإيجاب مع تذييل قصير مفاده أنه أصبح من كبار الدعاة الإسلاميين، شأنه في ذلك شأن محمد العليمي نفسه. ولم أشأ أن أطرح المزيد من الأسئلة؛ فالقصة متكررة ومألوفة، وأعود إلى قصة الانتقال إلى المنزل «الجديد».
كان من عادة أصحاب المنازل الذين يريدون عرض غرفة أو شقة للإيجار أن يعلنوا عن ذلك في بطاقات صغيرة توضع في لوحة خاصة خارج المحلات التجارية مقابل قروش زهيدة، وكنت قد اعتدت قراءة هذه البطاقات وفك رموزها التي تحدد «نوع» الساكن المطلوب، وكان معظم المعلنين من العجائز أو الأرامل اللائي أصبحن يعشن في وحدة بعد وفاة الزوج ورحيل الأبناء، أو بعد فقدان الأهل، وما كان أكثرهن في تلك الأيام؛ فلم يكن مضى على الحرب العالمية الثانية سوى عشرين سنة، وكانت تلك السيدات اللائي فقدن رجال الأسرة ما زلن قادرات على العمل (على تقدمهن في السن) وكان وجود السكان الأفراد في الغرف المفروشة يمثل مصدرا للدخل، ويوفر لصاحبة المنزل
The landlady
عملا يشغلها وينسيها آلام الوحدة. وكان الشائع في تلك الأيام أيضا وجود عبارة في ذيل البطاقة تقول «لا نقبل الملونين» مثلا (
no coloured ) أو لا نقبل أبناء أيرلندا، أو لا نقبل الأطفال أو الكلاب إلى آخر ذلك.
وانتقيت بطاقة لا يضع صاحبها شروطا من أي نوع، ويقول إن الغرفة إيجارها ثلاثة جنيهات إلا ربعا في الأسبوع، فأسرعت بالاتصال برقم التليفون فوجدت ترحابا، وطلب المتحدث مني أن أتجه إلى المنزل وأن أخبر من يفتح الباب أنني قد استأجرت الغرفة وأن لي أن أنتقل دون إبطاء، على أن يحسب الإيجار اعتبارا من اليوم التالي. كنا يوم الخميس (30 / 9)، فتوجهت من فوري إلى المنزل في شارع أيزلدون (13,
Isledon Road ) (وكنت أظن أن حرف ال
S
صامت ولكنني اكتشفت أنه ينطق زايا!) الذي لا يبعد إلا مائتي متر تقريبا عن منزلنا القديم، وعندما قرعت الباب فتحت لي امرأة سوداء هائلة الجرم، ضاحكة السن، شعرها أبيض كالقطن، وبدت خفيفة الحركة على ضخامتها، ترتدي ملابس زرقاء داكنة، وقالت كلاما لم أفهم معظمه، ثم اصطحبتني إلى الطابق الثالث (يوازي الثاني عندنا) وفتحت لي الغرفة وقالت لي تفضل ! كان بالغرفة شباك كبير يطل على فناء تابع لمحطة قطارات الضواحي، وقد تناثرت فيه قطع الحديد والأخشاب، ثم ارتج البيت رجة عظيمة حتى خلت أنه كاد أن يسقط، وبدت أمارات الهلع على وجهي وأمسكت بإحدى قوائم السرير، والتفت إلى السوداء الضخمة في تساؤل وذعر وكانت الأواني الموضوعة على المنضدة تصطك وتحدث جلبة مفزعة، فأجابتني بضحكة مجلجلة قائلة: «إنه القطار! سوف تعتاد عليه!» وبعد أن هدأ روعي خرجت لا أدري هل أمضي في مشروع الانتقال أم أبحث عن مسكن آخر، وعندما وصلت إلى باب المنزل قالت لي السوداء: «سأعطيك مفتاح البيت عندما تأتي .. وإذا شئت أتيتك بمفتاح للغرفة .. أنا في انتظارك على العموم!» وخرجت إلى الطريق العام دهشا من كلامها. وبعد أن قلبت الأمر على وجوهه قررت الانتقال في نفس اليوم، فأعددت حقيبتي وحملتها على كتفي وسرت حتى أفرغت ما بها في الغرفة الجديدة، ثم عدت إلى المنزل القديم وملأتها من جديد ثم عدت فأفرغتها وتركتها، ورجعت إلى التركي لكي أودعه وأعطيه مفتاح المنزل، وعندما استقر بي المقام في الغرفة الجديدة، حاولت أن أروض نفسي على تقبل الأمر الواقع؛ فالغرفة لا تدفئة بها، ولدي مدفأة تعمل بالجاز (الكيروسين) أوقدها ليلا، وليس بالغرفة مكتب، بل منضدة صغيرة لا تكفي كتبي وكراساتي. والمشهد من الشباك قبيح قبيح، وضجيج القطار يتكرر ليلا ونهارا، وعندما جاء صاحب المنزل يوم السبت (2 / 10) لتحصيل الإيجار وجدته عملاقا أسود، اسمه آشيل
অজানা পৃষ্ঠা