أي وطأ بشدة.
وقال المتنبي:
كأن نوالك بعض القضاء ... فما تعط منه تجده دودًا
قال أبو الفتح: إذا وصلت أحدًا ببر سعد بركتك وتشرف بعطيتك فصار جدًا له ومثل قول أبي تمام:
؟ ما زلت منتظرًا أعجوبة عننا ... حتى رأيت سؤالًا يجتني كرما
قال: قال أبو القاسم منى البيت أن من أعطيته جد في دنياه إما لغناه بك أو لارتداء الغير من إجزال العطاء بعطاءك وأما قول أبي تمام فروايته كما أنشده:
ما زلت منتظرًا أعجوبة عننا ... حتى رأيت سؤالًا يجتني شرفا
وأول القصيدة: أما الرسوم فقد أذكرن ما سلفا ومعناه: عن سائلك يشرف بسؤالك جلالة قدرك وعظم محلك فلا غضاضة تلحقه في نفسه ولا هضيمة في حقه كما قال البحتري:
علمتني الطلب الشريف ولم أزل ... كنت الوضيع من أتضاع مطالبي
وأريتني أن السؤال محلة ... فيها اختلاف منازل ومراتب
وقال المتنبي:
فما في سجاياكم منازعة العلا ... ولا طباع التربة المسك والند
قال أبو الفتح: أي أين التراب من المسك ومعناه أين انتم منه.
قال أبو القاسم: معنى البيت أنه يذكر ممدوحه بالرفعة وطلب المعالي، ويذم أعداءه باللؤم والدناءة ويقول لهم: خلوا المكارم له فما في طباعكم مساورتها والنهوض إليها كما يلبس في طبع التربة وضوح المسك وروائح الطيب. فمثل الأطياب بالمعالي ومثل طباعهم بالتراب.
وقال المتنبي:
ما يقبض الموت نفسًا من نفوسهم ... إلا في يده منت نتنه عود
قال أبو الفتح: أي لا يباشر الموت أنفسهم وقت قبضة غياها، ضربه مثلًا.
قال أبو القاسم: معناه أن الرجل إذا عثر بمنتن أخذ خشبة يحركه بها استقذارًا له، وضربه مثلًا للخصيان وإنهم مناتين أقذار.
وقال المتنبي:
ينثني عنك آخر الدهر منه ... ناظر أنت طرفه ورقاده
قال أبو الفتح: أي إذا انصرف يوم النيروز عنك إلى آخر اليوم خلف عندك طرفه ورقاده فبقي عندك بلا لحظ ولا نوم.
قال أبو القاسم: معناه أن يوم النيروز يلحظك كل سنة مرة فتكون زينة له وأنسًا كالرقاد وفتح الجفن.
وقال المتنبي:
تعب الزوار أعناق خيله ... تعرض وحش خائفات من الطرد
قال أبو الفتح: أي تنظر شزرًا إلى زواره تخوفًا من أن يهبها كوحش خائف طردًا.
قال أبو القاسم: معنى البيت أن خيل أبي العميد اعتادت فودها إلى الزوار وهبتها للسؤال فإن أبصرت زائدًا تعرضت ومدت إليه أعناقها على العادة المألوفة كما تتعرض الوحش النافرة لكل ما مرت به.
وقال المتنبي:
فتى يملأ الأزمان رأيًا وحكمة ... وبادرة أيان يرضى ويغضب
قال أبو الفتح: البادرة البديهية.
قال أبو القاسم: البادرة العقوبة والشديدة ينزلها الرجل بالمسيء والمجرم ومنه قول المتنبي في أخرى. . .
وقال المتنبي:
أنا صَخْرَةُ الوادي إذا ما زوحِمَتْ ... فإذا نَطَقْتُ فإنَّني الجَّوزَاءُ
قال أبو الفتح: أي قد جمعت الأمرين، أنا كهذه الصخرة وفي علو المنطق كالجوزاء.
قال أبو القاسم: معنى البيت أن الجوزاء بيت عطارد وهو كاتب الشمس وهو نجم اللسن والفصاحة والكتابة والبلاغة وآثار دقائق محاسن اليد واللسان.
وقال المتنبي:
تَفْضَحُ الشَّمسُ كُلَّما ذَرَّتِ الشَّمْسُ ... بِشَمْسٍ مُنيرَةٍ سَوْداءُ
قال أبو الفتح تهزُّؤ به.
قال أبو القاسم: معناه أن كافورًا في إشراق أفعاله ووضوح مكارمه شمس تغلب ضياء الشمس وهو أسود اللون، ويتلوه قوله:
إنما الجلد مَلْبَسُ وَابيِضاضُ النَّ ... فْسِ خيرٌ من ابيضاضِ القَباءِ
وقد تقدمه في هذا المعنى عبد بني الحسحاس حيث يقول:
إنْ أَكُ عَبْدًا فَنَفْسي حُرَّةٌ كَرَمًا ... أوْ أسْوَدَ اللَّوْنِ إنِّي أبْيَضُ الخُلُق
وقال المتنبي: تَذُمُّ السَّحاب الغُرَّ في فعلها بها قال أبو الفتح: الغر لكثرة ماءها.
قال أبو القاسم: إنما السحاب يسودّ لكثرة مائه، ويقولون السواري الرُّبد والغوادي الغُرّ.
وقول المتنبي:
حَاوَلْنَ تَفْدِيَتي وَخِفْنَ مُراقِبًا ... فَوَضَعْنَ أيدِيَهُنَّ فَوْقَ تَرائِبا
قال أبو الفتح: أي أشرن من بعيد ولم يجهرن بالسلام خوف الرقباء.
1 / 24