وفي الحال طلب مصطفى باشا مأموري التلغراف والبريد، وسألهما أسئلة مختلفة وأمرههما أن يأتيا بكل رسالة ترد لفوزي ورفاقه. وبعد ساعة عاد إليه مأمور التلغراف بهذه الرسالة البرقية بلا إمضاء:
فوزي باشا. تصلكم المعلومات اللازمة غدا مع مندوب خاص.
فلما اطلع مصطفى كمال عليها اضطرب، وفي الحال أوعز باستدعاء رجاء الدين أفندي. فلباه هذا كالبرق الخاطف.
فلما جاء قال له مصطفى باشا: هل كنت تعلم شيئا يا رجاء أو أنك نبي؟ اقرأ هذا التلغراف.
فلما اطلع رجاء على التلغراف دهش، وقال: ماذا فهمت من هذا يا باشا؟ - أخاف أن تكون دوقتك خانتك وهي التي أرسلت هذا التلغراف لفوزي، وقد أرسلت له حججا ضدنا؟ - لا لا. دوقتي لا تستطيع أن تحنث بيمينها؛ لأنها تعلم أن وراء الحنث عذابا أليما ولو كانت في زحل. - إذن ما رأيك؟ - لا أدري. وإنما يجب اتخاذ الاحتياطات وإلا فضحتنا معلومات فوزي المنتظرة، وقلبت عرش الإمبراطورية الذي نبنيه.
فانتفض مصطفى باشا وقال: ويحك! كيف ذلك؟ - لقد ارتكبت جرما عظيما بتأجيل الاقتراع، لظنك أن الأكثرية مضمونة لك. ولكن إذا ظهرت المعلومات فلا يبعد أن تنقلب الأفكار والآراء. - ويحك! وما العمل إذن؟ - يجب أن تزودني بكل سلطة وحق في أن أستقبل القطار الحديدي القادم غدا في أي مكان قبل أن يصل إلى أنقرة؛ لأني أظن أن المعلومات التي ينتظرها فوزي آتية مع رسول في قطار الغد. - هذا أمر سهل. - وأرجو أيضا أن تكون معي سلطة بوليس فوق كل سلطة بوليسية. - لك ذلك أيضا. بعد ساعة. - حسنا جدا . إذن أعدك بالفوز التام. •••
في اليوم التالي انعقدت الجلسة في المجلس الوطني الكبير. وافتتح فوزي باشا المناقشة بإلقاء خطبة، كان يرد فيها على جميع النقط التي ذكرها أعداء الخلافة. وكان المحافظون يصفقون له والأحرار يضحكون تارة ويهزءون أخرى. وأخيرا جعل بعضهم يقولون: لقد اكتفينا من المناقشات، نريد الاقتراع! الاقتراع! الاقتراع!
فصاح فوزي باشا قائلا: قلت لكم أمس: إن عندي معلومات خطيرة الشأن ستصل في هذه الساعة، وستظهر لكم حقائق فتغير كل يقينكم. أفلا تصبرون ساعة!
فصاح بعضهم: لقد صبرنا وكفى. فهمنا معلوماتك. نريد الاقتراع.
وحدث لغط واضطراب في المجلس، فوقف زكي بك نائب كموشخانة، وارتقى على المنبر وقال: «إن الوقت لم يحن بعد لإلغاء الخلافة، وليس هنالك مناسبة بين الثورة الفرنسوية الكبرى والانقلاب الذي نحن أحدثناه. وهنالك أعمال كثيرة اقتصادية وسياسية يجب علينا أن نقوم بها قبل إلغاء الخلافة.»
অজানা পৃষ্ঠা