199
وانظروا إليهما كيف تتوقدان كأنهما جذوتان، ولكن الناس كانوا يسمعون ويضحكون وينصرفون، ويتركون سلاما وفي قلبه حسرة على ما أنفق من مال وعلى ما كان يرجو من ربح.
وتمر ثبيتة بنت يعار الأوسية بسلام ذات ضحى وهو يعرض صبيه هذا في بعض أسواق يثرب، فلا تكاد تنظر إلى الصبي حتى ترحمه، ثم لا تكاد تطيل النظر إليه حتى تقع في قلبها الرغبة في شرائه.
قالت ثبيتة: ما اسم صبيك هذا يا ابن حبير؟
قال سلام: زعم من باعه لي من بني كلب أن اسمه سالم.
قالت: سالم ابن من؟
قال سلام: لا أدري، ولكني اشتريته من كلبي يسمى معقلا ، وزعم لي أن أسرته أسرة شريفة أقبلت ...
قالت ثبيتة: أقبلت من إصطخر فنزلت الأبلة، وزارعت النبط، وصرفت تجارتها في أطراف العراق، قد حفظنا ذلك عن ظهر قلب؛ فإني له مشترية، فبكم تبيعه مني؟
قال سلام وقد ابتسم قلبه ورضيت نفسه، ولكنه استبقى في وجهه الجد والحزم: فإني لا أريد إلا ما أديت من ثمن وما أنفقت عليه منذ اشتريته. وتتصل المساومة بينها وبينه، وتعود إلى دارها بالصبي، وقد ربح اليهودي فأحسن الربح، وربحت هي بشراء هذا الصبي ربحا لا يقوم بالدراهم ولا بالدنانير.
ذلك أنها لم تشتره متجرة ولا مبتغية كسبا، وإنما آثرت بشرائه الخير والبر والمعروف، لم ترد إلى شيء آخر.
অজানা পৃষ্ঠা