মানুষের মধ্যে বৈষম্যের উৎস
أصل التفاوت بين الناس
জনগুলি
ومتى افترضنا وجود إنسان وحشي بارع في فن التفكير كما يجعله لنا فلاسفتنا، ومتى جعلنا فيه فيلسوفا على مثالهم قادرا على اكتشافه وحده أعلى الحقائق، واضعا بسلاسل من البراهين المجردة جدا مبادئ عدل وعقل مستنبطة من حب النظام على العموم، أو مقتبسة من إرادة خالقه المعروفة.
والخلاصة: أننا إذا افترضنا له في النفس من الذكاء والثقافة ما يجب أن يكون له، فيوجد فيه ثقل وسخف فعلا، فأي فائدة يستخرج النوع من هذه اللاهوتيات التي لا يمكن أن تنقل من واحد إلى آخر والتي تزول مع الذي ابتدعها؟ وأي تقدم يمكن أن يتفق للنوع البشري المفرق في الغايات بين الحيوانات؟ وما المدى الذي يمكن الناس أن يتكاملوا فيه ويتثقفوا مقابلة، هؤلاء الناس كانوا عاطلين من المأوى الثابت، غير محتاج بعضهم إلى بعض، فلا يكادون يتلاقون مرتين في حياتهم على ما يحتمل، وذلك مع عدم تعارف وتحادث؟
ولينعم النظر في مقدار الأفكار التي تعد مدينين بها لاستعمال الكلام، وفي مقدار ما تدرب بالنحو أعمال النفس وتسهل به؛ وليفكر في المشاق التي لا تتصور وفيما لا حد له من الزمن ثمنا لاختراع اللغات الأولى؛ ولتضف هذه التأملات إلى السابقة، وليحكم في مقدار ما وجب من ألوف القرون؛ لينمي في النفس البشرية بالتعاقب ما كانت قادرة عليه من الأفعال.
وليسمح لي بالنظر هنيهة في عوائق أصل اللغات، ويمكنني أن أذكر، أو أكرر، هنا مباحث الشماس دوكوندياك التي قام بها حول هذا الموضوع فتؤيد منهاجي تماما، ويحتمل أن كانت أول ما أوحي إلي بالفكرة الأولى، ولكنه يتضح من الوجه الذي يحل به هذا الفيلسوف ما يثيره من المشاكل حول أصل الحركات الموضوعة أنه افترض ما أسأل عنه، أي ضربا من المجتمع القائم بين مبتدعي اللغة، فأرى - حين أرد إلى تأملاته، أن أضيف تأملاتي لأعرض عين المشاكل على نور ما يناسب موضوعي، وأول مشكلة تظهر هو أن يتصور كيف أمكن أن تصير اللغات ضرورية، وذلك بما أنه لم يكن بين الناس أي اتصال ولا أي احتياج إلى هذا الاتصال، فإنه لا يتصور لزوم هذا الاختراع ولا إمكانه لو كان غير ضروري، وأقول كآخرين كثيرين: إن اللغات ولدت من اختلاط الآباء والأمهات والأولاد اختلاطا أهليا، غير أن هذه الوسيلة لا تحل المشاكل مطلقا، وهي - فضلا عن ذلك - تنطوي على خطأ من يبرهنون حول حال الطبيعة، فيدخلون إلى براهينهم أفكارا اقتبست من المجتمع، فلا ينفكون يرون الأسرة تعيش تحت سقف واحد، وأن أفرادها يحتفظون فيما بينهم باتحاد وثيق دائم كما بيننا، حيث تجمع بينهم مصالح كثيرة مشتركة، مع أنه لم يكن للناس في تلك الحالة الابتدائية منزل ولا كوخ ولا ملك من أي نوع كان، فيعيش كل واحد أينما وجد اتفاقا، ولليلة واحدة في الغالب، وكان الذكور والإناث يختلطون عرضا وفق ما يقع من التقاء وفرصة وميل، من غير أن يكون الكلام ترجمانا ضروريا كثيرا للأمور التي كان عليهم أن يعبروا عنها، وكانوا يفترقون بسهولة
10
كالتي يجتمعون بها، وكانت الأم ترضع أولادها في البداءة عن احتياج خاص لها، ثم جعلتهم العادة غالين فصارت تغذيهم عن احتياج فيهم، وكانوا إذا ما أصبحوا من القوة ما يبحثون معه عن قوتهم لم يعتموا أن يتركوا الأم نفسها، وبما أنه لم يكن من وسائل الالتقاء تقريبا غير عدم الغياب عن العين، فإنهم كانوا لا يتعارفون إذا ما تلاقوا ثانية؛ ولنلاحظ - أيضا - اضطرار الولد إلى إيضاح جميع احتياجاته، ومن ثم وجود أمور كثيرة يقولها الولد لأمه أكثر من أن تقولها أمه له، فكان عليه أن يقوم بأعظم جهود للإبداع، فوجب أن تكون اللغة التي يستعملها من صنعه الخاص إلى حد بعيد، وهذا ما يجعل اللغات من الكثرة بعدد الأفراد الذين يتكلمون بها، وهذا مع وجوب زيادة تنوعها بما يأتونه من حياة التسكع والتيهان التي لا تترك لأية لغة من الوقت ما تكتسب معه ثباتا؛ وذلك لأن القول بأن الأم تملي على الولد من الكلمات ما يجب عليه أن يستعمله ليسألها عن هذا الشيء أو ذاك، يدل جيدا على الوجه الذي تعلم به اللغات التي تم تكوينها، غير أن هذا لا يوضح كيف تكونت.
ولنفترض أن هذه الكلمة الأولى مشكلة ذللت، ولنجاوز للحظة ما وجب وجوده من مسافة واسعة بين الحال الطبيعية الخالصة والحاجة إلى اللغات، ولنبحث بافتراضها ضرورية
11
عن الوجه الذي استطاعت أن تبدأ به وتستقر، وهذه مشكلة جديدة أسوأ من السابقة أيضا؛ وذلك لأن الناس إذا كانوا محتاجين على الكلام ليتعلموا التفكير، فإنهم أكثر احتياجا إلى معرفة التفكير لإيجاد فن الكلام، وإذا ما أدرك الوجه الذي اتخذت به نبرات الصوت لتكون تراجمة اتفاقية لأفكارنا، فإنه يبقى علينا - دائما - أن نعرف ما استطاع أن يكون تراجمة هذا الاتفاق عن الأفكار التي ليس موضوعها محسوسا فتستطيع أن تدل على نفسها بالحركة أو بالصوت، وذلك أننا لا نكاد نستطيع أن نضع فرضيات محتملة حول ظهور هذا الفن في نقل الإنسان أفكاره وإقامة صلة بين النفوس، هذا الفن العالي البعيد جدا من أصله، ولكن مع كون الفيلسوف لا يزال يراه على مسافة لا يعرف مداها بعدا من الكمال، ولكن مع عدم وجود إنسان بالغ من الجرأة ما يؤكد عدم الوصول إليه مطلقا، ولو وقفت نفعا له ما يوجبه الزمن من الانقلابات، ولو أقصيت المبتسرات “Préjugés”
عن المجامع الأدبية أو صمتت أمامها، ولو استطاعت هذه المجامع أن تعنى بهذا الموضوع الشائك في قرون كاملة بلا انقطاع.
অজানা পৃষ্ঠা