يقال (1): إن الطلب التخييري سنخ مستقل من الطلب وهو طلب واحد له قرنان أو ثلاثة قرون أو أربعة فصاعدا قد تعلق كل قرن منه بخاص.
فحاله حال الشك ؛ فإنه متقوم بطرفي الوجود والعدم بحيث يرتفع بارتفاع أحدهما ، وكذا الطلب المتقوم بالقرنين أيضا يرتفع بكسر أحد قرنيه بإتيان متعلقه وكذا المقوم بالثلاثة فصاعدا ، فبقولنا : طلب واحد ، خرج الطلب الاستغراقي كأكرم كل واحد من هذين ، فإنه ينحل إلى طلبات متعددة غير مرتبط بعضها بالبعض ، وبقولنا : قد تعلق كل قرن منه بخاص خرج الطلب المجموعي ؛ فإن كل واحد من الشيئين أو الأشياء قد لوحظ فيه على نحو الجزئية لا على نحو الاستقلال.
وبعبارة اخرى الإرادة علقت أولا بإكرام زيد مثلا ، ثم غض النظر عنه كأنه لم يكن في البين أصلا وجيء في محله بآخر ثم غض النظر عنه أيضا وجيء بثالث وهكذا ، لا أنها علقت بعنوان واحد اخذ مرآتا للإكرامات ، ولا بالمجموع المركب منها الملحوظ شيئا واحدا ، وهذا النسخ من الطلب لا بد من تصويره ، افرض أن التخيير الشرعي راجع إلى طلب واحد متعلق بالجامع ؛ إذ ننقل الكلام حينئذ إلى التخيير العقلي فيما إذا وقعت الطبيعة موردا للأمر ، فإن الحاكم باجراء كل فرد هو العقل فلا يمكن تصحيح هذا الطلب الإرشادي للعقل إلا بهذا الوجه.
فتبين مما ذكرنا أن الوجوب التخييري يحتاج إلى مئونة زائدة ليست في التعييني وهو العدل ، وكذا الوجوب الكفائي ؛ فإنه يحتاج في التحقق إلى العدل في طرف المكلف ، وكذا الوجوب الغيري فإنه عبارة عن وجوب شيء بملاحظة الوصلة به إلى واجب آخر ، فهذه الملاحظة مئونة زائدة وليست في الوجوب النفسي ، ولا شك أن ما وضع له الصيغة في جميع هذه المقامات الثلاثة هو المعنى الأعم الجامع بين القسمين بشهادة الوجدان بأن الصيغة عند إرادة الوجوب التخييري أو الكفائي أو الغيري قد استعملت في معناه عند إرادة الوجوب التعييني أو العيني أو النفسي لا في معني آخر مجازي.
পৃষ্ঠা ১০২