الأول السير ، والثاني البصرة ، والثالث خصوصيته كون السير مبتدأ من البصرة ، وهذا الثالث يمكن لحاظه بنحوين :
الأول أن يلحظ ويتعقل مستقلا ومن حيث هو على عكسه في الخارج ، إذ هو فى الخارج عاجز محتاج إلى المتعلق وهو السير مندك فيه ، وفي الذهن تام مستغن عن غيره بحيث يكون لحاظ المتعلق معه وضع شيء فى جنبه.
الثاني أن يلحظ على طبق وجوده الخارجى حذو النعل بالنعل فكما أنه في الخارج محتاج إلى المتعلق وموجود ببركة وجوده ، فكذا يتعقل في الذهن محتاجا إلى متعلق خاص وببركة تعقله ، ولا شك أن هذا أعنى كونه محتاجا في التعقل إلى المتعلق الخاص لا يوجب أن يكون لهذا المتعلق الخاص دخلا في حقيقته ومعناه أصلا بل هو مقدمة لتعقله خارج عن حقيقته.
ألا ترى أن مفهوم الضرب لكونه عرضا يفتقر في الوجود الخارجي إلى شخص زيد مثلا ، ومع ذلك لا يكون لزيد في معناه دخل أصلا ، فإذا لا فرق بين الملحوظين بهذين اللحاظين إلا في مجرد كيفية اللحاظ ، حيث إنه في الأول بنحو الاستقلال على عكس الخارج ، وفي الثاني بنحو العجز والافتقار على طبقه ، ولا يعقل أن معنى واحد بمجرد أن يختلف كيفية لحاظه يختلف حاله في الجزئية والكلية.
فكما أن الملحوظ بالنحو الأول كلي جامع للابتداءات الخارجية العاجزة ، فكذا الملحوظ بالنحو الثاني أيضا كلى جامع لتلك الأفراد بعينها من دون أن يكون دائرته أضيق من الأول أصلا. غاية الأمر أن الأول جامع مستقل للأفراد العاجزة والثاني جامع عاجز للافراد والعاجزة.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : وضع لفظ «الابتداء» للجامع بالنحو الأول ولفظة «من» للجامع بالنحو الثانى ، وإذا فلا فرق بينهما في عموم الوضع والموضوع له.
পৃষ্ঠা ১০