325

الدخل قيدا له ، كيف وإلا كان هو أيضا واحدا من القيود بل أقوى منها ؛ حيث إنه التعرية من كل شيء ، فكان المطلق واحدا من المقيدات فلم يثبت المقدمات إياه على ما هو المعروف من إثباته بها ، فهذا دليل على أن وصف التجرد وعدم الدخل لا حاجة إلى ملاحظته في المطلق.

ولا يتوهم التنافي بين قولنا هنا وما سبق من عدم إمكان تعلق الحب الأصلي بالمهملة؛ إذ المراد هناك تعلق الحب الأصلي به مع بقائه على كونه مهملة ، وهنا وإن كان مدلول اللفظ ومتعلق الطلب الأصلي مهملا أيضا ، لكنه بعد تعلق الحب الأصالي بمعنى دخله وعدم دخل غيره يخرج عن كونه مهملة إلى كونه مطلقا قهرا ؛ لما عرفت من أن تعلق الحب الأصلي بالمهملة لازمه عقلا هو التبدل والانقلاب إلى الإطلاق.

تقرير ثان للمقام : أما على طريقة المشهور فهو أنه بعد أن أسماء الأجناس وسائر المطلقات موضوعة لما هو جامع للمطلق والمقيد وقابل للتقييد والإطلاق ، فهذا المعنى لا يوجب رفع التحير عن موضوع الحكم ؛ إذ المكلف لا يعلم أن موضوع الحكم هو المطلق أو المقيد ، وعلى الثاني فالقيد ما ذا؟

ومن هنا يظهر أنه بمجرد إعمال الأصل العقلائي الجاري في عامة باب الألفاظ أيضا لا يستريح ؛ إذ الأصل المذكور يرفع احتمال كون اللفظ مهملا وصادرا بلا شعور لمعناه ، أو مع إرادة أجنبي عما هو موضوع له.

وبعبارة اخرى تعين احتمال أن يكون المتكلم مريدا لما هو موضوع له لهذا اللفظ وقاصدا بالتلفظ به إفادة ذاك المعني ، وهذا المقدار لا يفيد في المقام ؛ لأن الموضوع له معنى قابل للانطباق على المطلق والمقيد ، فرفع التحير عن المكلف موقوف على جعل الحكم إما على خصوص المقيد وإما على خصوص المطلق ، فالدال على الجعل في المقيد أحد الأمرين : إما ذكر القرينة اللفظية الدالة على القيد في الكلام مع المطلق ، وإما انصراف الكلام إلى القيد ، فإنه بمنزلة الذكر أيضا.

وأما المعين للثاني أعني الجعل في المطلق ، فعلى مذاق المشهور من المتأخرين هو المقدمات المعهودة التي من جملتها إحراز كون المتكلم في مقام البيان ، أعني كان

পৃষ্ঠা ৩২৮