وكذلك الأطفال؛ فإنهم أثناء مقامهم في المدرسة يعتادون ضبط النفس والصبر وغير ذلك بتفويضهم إرادتهم لإرادة المعلم. (4)
دوام شغل العقل والبدن مع الاعتدال يؤدي إلى توفر عادات الجد والتنشط وحب العمل، قال سنيكا الروماني: «الكد يربي عقولا نبيلة ويغذيها.» فينبغي - والحالة هذه - أن لا يترك الأطفال بلا عمل يعملونه سواء كان درسا أو لعبا.
الفصل الحادي عشر
نظام المدرسة
غرضه وموضوعه: المكافآت والعقوبات
المقصود من كل نظام مدرسي والغرض الذي يرمى به إليه؛ إبطال العادات والميول السيئة واستئصالها، وغرس خيارها مكانها، وجعل السلوك مستقلا بذاته؛ أي لا اعتماد لصاحبه معه على غيره. قال «لوق» لا بد للإنسان من يوم يتعهد فيه أمر نفسه وأن يكون مستقلا بسلوكه عن إرشاد الغير؛ إذ لا يكون الإنسان فاضلا صالحا قادرا إلا بقوة نفسه.
وللوصول إلى هذا الغرض يجب الاستفادة من أمر المكافآت والعقوبات: الغرض من الإثابة التشجيع على تمثل العادات الطيبة والغرض من العقاب القمع عن سيئاتها ولكن يجدر بالمعلم أن يكون مقتصدا في الحالين؛ لأن كثرة الإثابة تحدو الطفل على النظر إلى قيمة الجزاء وغض طرفه عن صواب الفعل في ذاته، هذا ولما كان الطفل في حداثته ينطوي على إحساسات سفلى أو حيوانية؛ فإنه لا يصح غض الطرف عنها مرة واحدة؛ ولذلك فإن مكافأة الأطفال باعتدال تؤدي إلى خير النتائج، أما فيما بعد ذلك من سني الدراسة فيجب أن يقلل من استعمال المكافآت ويقتصد فيها اقتصادا، وعلى المعلم أن يناجي مشاعرهم العليا ما استطاع إلى ذلك سبيلا. (1) تنبيهات
يجب مراعاة التنبيهات الآتية فيما يتعلق بالمكافآت: (1)
لا يصح منحها إلا جزاء على الجدارة أو على عمل صالح، ولا يجوز - بأي حال من الأحوال - أن تمنح جزاء على الذكاء والفطانة وحدهما؛ فإنهما تبع لقواه الفكرية لا نتيجة جهد مبذول فيستحق عليه مكافأة. (2)
لا يصح أن يعمد إلى المكافآت بكثرة وإلا فإن الأطفال يجعلون مجرد الرغبة فيما يفرحهم داعيهم الوحيد إلى تأدية واجبهم، وفي هذه الحالة تكون المكافآت أدعى إلى إفساد أخلاقهم من العقاب. (3)
অজানা পৃষ্ঠা