وتبدأ سورة النمل حديثها عن «سليمان» عليه السلام بقولها:
وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين (النمل: 16)، ويشرح «محمد فريد وجدي» في تفسيره، وهو واحد من أحدث التفاسير المعتمدة، والأقرب لليسر وللعصر، مع الالتزام - دون تأويلات بعيدة عن المراد الأصلي بالنص - فيقول: «وورث سليمان داود في الملك والنبوة وأخبر الناس - تحدثا بنعمة الله عليه - بأنه أوتي فهم لغة الطير، وأنه منح من جميع النعم قسطا وافرا، إن هذا لهو الفضل المبين.» ويروي الإخباريون بعض التفاصيل حول حديث «سليمان» عليه السلام مع الطير، وقدرته على فهم ألسنها ولهجاتها ، بل والتعاطي معها أخذا وردا، فيقول - مثلا - الحافظ «أبو بكر البيهقي»: «... مر سليمان بن داود بعصفور يدور حول عصفورة، فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول؟ قالوا: وما يقول يا نبي؟ قال: يخطبها إلى نفسه ويقول: زوجيني نفسك، أسكنك أي غرف دمشق شئت.»
17
أما الطبرسي فيعمد إلى إبراز رقة قلب النبي كليم الطيور في حديث يقول: «إن سليمان عليه السلام رأى عصفورا يقول لعصفورته: لم تمنعين نفسك مني، ولو شئت أخذت قبة سليمان بمنقاري فألقيها في البحر؛ فتبسم سليمان عليه السلام من كلامه، ثم دعاه وقال للعصفور: أتطيق أن تفعل ذلك؟ فقال: لا يا رسول الله، لكن المرء قد يزين لنفسه ويعظمها عند زوجته، والمحب لا يلام على ما يقول. فقال للعصفورة: لم تمنعيه من نفسك وهو يحبك؟ فقالت: يا نبي الله إنه ليس محبا لكنه مدع يحب معي غيري، فأثر كلام العصفورة في قلب سليمان، وبكى بكاء شديدا.»
18
ولم يكن النبي «سليمان» عليه السلام يحسن فقط لغة الطيور، إنما أيضا لغة دبيب الأرض من حشرات. وللأمر قصة مشهورة في سورة النمل،
19
يغني علمها عن سرد نصها، لكن ربما كان في إيراد بعض ما جاء بشأنها من شروح وتفاصيل فائدة:
يقول «الجزائري»: إن وادي النمل هو واد بالطائف، وقيل بالشام، وتلك النملة التي نبهت الأخريات كي لا يدهسهن جيش سليمان العرمرم، كانت رئيسة النمل. و«ابن كثير» يروي أنه في ذلك اليوم كان «سليمان» في قيادة جيشه العرمرم جميعه بكتائبه من الجن والإنس والطير،
20
অজানা পৃষ্ঠা