أما ألواح سومر فتطالعنا: أن الملك الورع التقي «زيوسودرا
ziusudra »، الذي كان يؤدي النذور بانتظام لكهان الآلهة، اختارته الآلهة لتخبره بقرار إفناء الحياة الأرضية بالطوفان، ونصحته ببناء فلك عظيم يجمع له من كل كائنات الأرض، من كل زوجين اثنين، وهو ما يوضح لنا أن السومريين قد تصوروا فيضانهم حدثا كونيا عم الأرض بأسرها، فسجلوه بهذا المعنى، وتمضي القصة في تصوير هول الفيضان وجبروته، إلى أن يهدأ وترسو السفينة، ويطلق «زيوسودرا» حيواناته، فتكافئه الآلهة بالخلود الألفي في «دلمون».
ولا يفوتنا هنا بشأن خلود «زيوسودرا» ما نخرج به من دراسة قائمة الملوك السومريين الأوائل، إذ نلاحظ القوم وقد اعتقدوا أن ملوكهم السالفين قد عاشوا أعمارا طويلة إلى حد خيالي ، وربما كتعظيم لشأنهم وتكريما وتقديسا، فمثلا تدعي القائمة المذكورة: أن «تموز» عاش ثلاثة آلاف عام، حاكما على مدينة
Bad-Tibera ، وأن «آلوليم» حكم ما يزيد عن ستة وعشرين ألف سنة، وأن «آلجار» قد حكم ستا وثلاثين ألف سنة،
36
ويعقب «د. فاضل عبد الواحد» على تلك الأرقام بقوله: إنها: «... خيالية بشكل واضح، وأغلب الظن أن مثل هذه الأرقام الكبيرة، إنما تعكس فكرة شائعة عند أكثر الأمم القديمة، وهي أن الإنسان كان في قديم الزمان، يتمتع بعمر طويل وصفات جسدية خارقة».
37
وعليه، لا يعود غريبا علينا ما ينسب إلى «زيوسودرا» - بطل الملحمة - من عمر خيالي عاشه بين قومه. أما تقواه فقد أطالت عمره إلى الأبد بنعمة الخلود في «دلمون».
وتأتي الدولة البابلية، فتتناول الملحمة وتعيد صياغتها، ويظل المحتوى، ويتغير أبطال المغامرة، فهذه المرة يصبح البطل هو «أوتنابشتيم
Utnabeshtem » الذي ناداه الإله قائلا:
অজানা পৃষ্ঠা