নতুন অর্গানন: প্রকৃতির ব্যাখ্যানী বিশ্বস্ত নির্দেশিকা
الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة
জনগুলি
65
التي وضعها اللاهوتيون السكولائيون، الذين بعد أن ردوا اللاهوت إلى نظام مطرد قدر استطاعتهم، وصبوه في شكل علم، راحوا يمزجون فلسفة أرسطو الشائكة والخلافية بجوهر الدين أكثر مما ينبغي.
ونفس الميل تبدى - وإن بطريقة مختلفة - في رسائل أولئك الذين لم يتورعوا عن استنباط وتأييد صدق الدين المسيحي من مبادئ الفلاسفة وسلطتهم، وهللوا لزواج الإيمان والعقل كما لو كان شرعيا، وفتنوا عقول الناس بتنويعة سارة من الأشياء، إلا أنهم في الوقت نفسه خلطوا الأشياء الإلهية بالأشياء البشرية وهو اتحاد غير متكافئ، ليس في هذه الأخلاط اللاهوتية الفلسفية مكان إلا لما هو مقبول سائد في الفلسفة، أما المذاهب الجديدة - وإن تكن تغييرات إلى الأفضل - فلا تقابل إلا بالرفض والاستبعاد.
أخيرا سوف تجد أن بعض اللاهوتيين في جهلهم يوصدون تماما كل منفذ إلى الفلسفة مهما نقحت، فبعضهم يحمله ضعفه على التوجس من البحث المتعمق في الطبيعة خشية أن يتجاوز الحدود المسموح بها للفهم الرصين، وهم يسيئون تفسير ما يقوله الكتاب المقدس - في حديثه عن الأسرار الإلهية - ضد التحديق في أسرار الرب، ويطبقونه خطا على أسرار الطبيعة التي هي غير محظورة بأي تحريم، والبعض الآخر - بمكر أكبر - يخمنون ويتخيلون أنه إذا كانت العلل الوسطى غير معلومة فمن الممكن أن تعزى الأحداث المفردة بسهولة أكبر إلى يد الرب وعصاه (وهو في ظنهم شيء في مصلحة الدين بدرجة عظيمة): هذه - ببساطة - محاولة «لإرضاء الرب بكذبة»،
66
والبعض يخشى من مثال سابق أن الحركات والتغيرات في الفلسفة سوف تنتهي إلى غزو الدين، وأخيرا هناك من يبدو متخوفا من أن تفضي دراسة الطبيعة إلى اكتشاف ما يطيح بالدين أو يهز سلطته على الأقل وبخاصة بين الجهلاء، والخوفان الأخيران أتشمم فيهما رائحة حكمة جسدية، وكأن الناس أحست في أعماق عقلها وفي سرائرها شكا في قوة الدين وهيمنة الإيمان على العقل؛ فتملكها الخوف وأحست أنها مهددة من بحث الحقيقة في الطبيعة، ولكن إذا وضعت الأمر في نصابه الصحيح فإن الفلسفة الطبيعية - بعد كلمة الرب - هي أقوى علاج ضد الخرافة، وأسلم غذاء للإيمان؛ لذا فقد استحقت أن تقدم للدين بوصفها أخلص خدمه، إذ إن أحدهما يظهر إرادة الرب، والآخر يظهر قدرته، ولم يجانب الصواب من قال: «تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله.»
67
تمزجون بذلك وتخلطون الوحي المتعلق بإرادته والتأمل المتعلق بقدرته، ولا عجب أن تقدم الفلسفة الطبيعية قد أوقف منذ اختطف الدين - أكبر قوة مؤثرة على عقل البشر - بواسطة جهل البعض وحماستهم الهوجاء، وحمل على أن ينضم إلى جانب العدو. ••• (90) فإذا التفت إلى تقاليد ونظم المدارس والجامعات، وما إليها من مؤسسات قصد بها أن تكون مقاما للعلماء وسببا إلى تقدم المعرفة، وجدت كل شيء مناوئا لتقدم العلوم. ستجد أن المحاضرات والتدريبات مصممة بحيث لا يخطر لأي شخص أن يفكر أو ينظر في أي شيء خارج المضمار الاعتيادي،
68
فإذا ما خطر لأحد أن يستعمل حريته في الحكم فعليه أن يركن إلى نفسه ولن يجد له معينا من زملائه، فإذا تجشم ذلك فسوف يجد اجتهاده واتساع أفقه عبئا عليه في مسعاه العلمي؛ ذلك أن دراسات الناس في هذه الأماكن مقصورة ومحصورة في كتابات مؤلفين بعينهم، وإذا جرؤ أي شخص على مخالفتهم فإنه يهاجم للتو بوصفه ثوريا مثيرا للقلاقل. على أن هناك بالتأكيد فارقا كبيرا بين الأمور المدنية السياسية والأمور الفنية أو العلمية من حيث حجم الخطر الناجم عن التجديد في كل من الحالتين، أما في الأمور السياسية فحتى التغيير إلى الأفضل يعد مقلقا نظرا للاضطراب الذي يثيره؛ ذلك أن السياسة تقوم على السلطة والاتفاق والصيت والرأي، ولا تقوم على البرهان، وأما في الفنون والعلوم - كما في المناجم - فإن كل شيء يجب أن يعج بأعمال جديدة وتقدم جديد، هذا ما يجب أن يكون - وفقا للعقل السليم - وليس ما هو كائن في واقع الحال. إن ما هو قائم في عملية إدارة العلم وتسييره من شأنه أن يعيق تقدم العلم بدرجة خطيرة. ••• (91) وحتى لو توقفت هذه المناوأة الغيورة، فسوف يتكفل بوقف نمو العلم أن تمضي هذه المحاولات والاجتهادات دون إثابة؛ ذلك أن تنمية العلوم وتمويلها ليسا في يد واحدة: نمو العلوم يأتي بالضرورة من عقول كبيرة، أما المنح والاعتمادات فهي في أيدي العامة أو الوجهاء وهم بالكاد (باستثناءات قليلة جدا) متوسطو الثقافة، بل إن هذا النوع من التقدم ليس فقط محروما من التمويل والإغداق من جانب أفراد بل محروما أيضا من التقدير والتمجيد من جانب العامة؛ ذلك أنه فوق فهم الأغلبية من الناس، وعرضة للانسحاق والانطفاء بعواصف الرأي العام، ولا عجب أن ما لا يمجد لا يزدهر. ••• (92) غير أن أكبر عقبة على الإطلاق أمام تقدم العلوم وفتح ارتيادات وآفاق جديدة فيها إنما تكمن في اليأس البشري وانقطاع الرجاء، فأصحاب المزاج الرصين الحذر من الناس يميلون إلى فقدان الثقة تماما بإزاء هذه الأمور، إذ يتأملون في أنفسهم استغلاق الطبيعة وقصر العمر وخداع الحواس وضعف ملكة الحكم وصعوبة التجربة وما إلى ذلك؛ ولذا يفترضون أن هناك نوعا من الجزر والمد في المعرفة عبر انعطافات الزمن وعبر العصور، إذ تنمو المعرفة وتزدهر في فترات معينة، وتنحدر وتذبل في فترات أخرى، ودائما تخضع لهذا القانون: إنها إذا ما وصلت مستوى وحالة معينة فلا يمكنها أن تمضي أبعد من ذلك.
অজানা পৃষ্ঠা