আরব জাহেলিয়া ও ইসলামের প্রাক্কালের সাহিত্যিকরা
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
জনগুলি
ولم يعرف التكسب بالمدح إلا عندما أخذ الشعراء ينزحون عن قبائلهم، ويترددون في الأحياء الغريبة، ويقرعون أبواب الملوك والسوقة، مادحين مستجدين، هاجين من لا يحسن لهم العطاء. فهبطت منزلتهم عن منزلة الشعراء القبليين الذين أبوا أن يقبلوا الصلة ويريقوا ماء الوجوه.
بيد أننا لا تستطيع أن نرد بدء التكسب على شاعر قبل غيره لبعد العهد، وضعف المستندات التاريخية، وكثرة الشعراء الذين تكسبوا، وعاصر بعضهم بعضا، إلا ما كان من زعم جماعة من الرواة أن النابغة أول من سأل بشعره واستعطى، وزعم آخرين أنه الأعشى. ويعترض ابن رشيق في العمدة على الذين يضيفون بدء التكسب إلى أبي بصير فيقول: «وقد علمنا أن النابغة أسن منه وأقدم شعرا.»
ونعلم من الرواة أن الشعراء قبل النابغة كانوا يقصدون قصور الملوك ويمدحونهم، فقد ذكروا أن المسيب بن علس دخل على عمرو بن هند ومدحه، ولقي هناك طرفة والمتلمس، وكان يتردد على القعقاع بن شور الدارمي ويمدحه وينال صلاته، ومع ذلك لم يعير هؤلاء الشعراء، ولا غض الشعر منهم، كما أن زهير بن أبي سلمى لم يؤخذ عليه مدحه لهرم بن سنان وقبوله العطاء منه، وما ذاك إلا لأنهم لم يتخذوا الشعر حرفة للتكسب كما اتخذه النابغة والأعشى والحطيئة، وليس المسيب بن علس من الذين يذكرون مع كبار الشعراء ليعنى الرواة بتسقط أخباره، فنعلم دوافع مدحه لعمرو بن هند والقعقاع الدارمي. ولم يتكسب زهير إلا يسيرا من هرم بن سنان، حتى قيل إنه كان يتجنب التسليم عليه لئلا يتعرض لعطائه، وهو على كل حال مدح سيدا من قبيلة أقام في أرضها وانقطع إليها، وتزوج منها وأصبح شاعرها وحكيمها يرشدها ويدافع عنها، وأمه تنتسب إليها. وأما النابغة فكان يتنقل من المناذرة إلى أعدائهم الغساسنة، يمدح هؤلاء وأولئك ويستجديهم. ثم يبذل ما في وسعه لاسترضاء النعمان أبي قابوس، خاشعا متذللا ؛ ليعود إلى قصره بعد انقطاع رجائه من ملوك الشام. فعيروه وقالوا: غض الشعر منه، لأنه من أشراف القبيلة.
وأما الأعشى فقد كان أكثر منه ترددا في البلاد، يأخذ الصلة من الملوك والسوقة، وينفر سيدا على آخر فيهجو من لم يسئ إليه ليمدح منافسه على السيادة، فعله بعلقمة بن علاثة تأييدا لعامر بن الطفيل، ومدحه للمحلق الصعلوك مشهور، ولذلك قالوا: جعل الشعر متجرا، ومن قوله في تطوافه:
وقد طفت للمال آفاقه
عمان فحمص فأورى شلم
أتيت النجاشي في أرضه
وأرض النبيط وأرض العجم
وبلغ التكسب إلى أدنى دركاته عند الحطيئة، فقد أكثر من السؤال بالشعر، وانحطاط الهمة فيه والإلحاف، حتى مقت الشعر وذل أهله كما يقول ابن رشيق. يمدح الشخص ويتكسب منه، ثم يهجوه تزلفا إلى عدوه، فعله بالزبرقان بن بدر عندما هجاه تقربا إلى بني شماس بعد أن نزل في جواره.
على أن المدح، وإن صار إلى التكسب الدنيء في أواخر العصر الجاهلي، فقد كان تأثيره عظيما في الأشخاص والقبائل، يرفع شأن الخامل وينشر ذكره بين الناس كما ارتفع المحلق الكلابي واشتهر بشعر الأعشى بعد خموله، وكما ارتفع بنو أنف الناقة بشعر الحطيئة، وكانوا يخجلون باسمهم، فصاروا يتطاولون بهذا النسب بعد قوله فيهم:
অজানা পৃষ্ঠা