ঐতিহ্য ও নবায়ন: প্রাচীন ঐতিহ্য থেকে আমাদের অবস্থান
التراث والتجديد: موقفنا من التراث القديم
জনগুলি
وفي علم أصول الدين كانت المشكلة القديمة هي مشكلة التوحيد ضد أخطاء التأليه والتجسيم والتشبيه والشرك وتعدد الآلهة، ومن ثم ظهر التوحيد القديم في هذه المادة، وتشبعت الأسئلة عن اليد، والعين، والوجه، والصعود، والنزول، والاستواء، ولكنهم كانوا منتصرين على الأرض، وكانوا فاتحين للبلاد، محررين لسائر الجماعات البشرية فكرا ونظما، أما الآن فالوضع يختلف، فالتوحيد كتنزيه ليس في خطر بل يعلم الناس كلهم اليوم أن المعبود ليس كمثله شيء وهو منزه عن صفات البشر، ولكن الأرض هي الضائعة، والناس مهزومة، والجماعة تتهاوى، والنظم تتساقط، والروح مستذلة ومستعبدة، ومن ثم يمكن لمادة التوحيد أن تتغير، فالمادة القديمة مرتبطة بعصرها، ومادتنا مرتبطة بعصرنا، وكيف يستمر قيام علم التوحيد على المادة القديمة؟ ومن ثم فتوحيدنا هو لاهوت الأرض، ولاهوت الثورة، ولاهوت التحرر، ولاهوت التنمية، ولاهوت التقدم، كما هو الحال في عديد من الثقافات المعاصرة في البلاد النامية التي نحن جزء منها.
18
وكذلك مشكلة خلق القرآن، كان القرآن قديما حيا في قلوب الناس ومطبقا في الواقع، وكان من ترف العقول البحث في الصلة بين القرآن ومصدره، ثم دخلت المشكلة كجزء في التوحيد الذي كان معرضا للخطورة في ذلك الوقت، ولم يدخل كطرف مع الواقع لأن الواقع القديم لم يكن مشكلا بل كان قائما موجودا صلبا، أما الآن فهذه المادة كلها لا دلالة لها؛ لأن التنزيه ليس معرضا للخطر، ولكن موطن الخطر هو الواقع المهاجم، ومن ثم فالمادة الحالية هي صلة النص بالواقع، ولمن له الأولوية: هل يفهم الواقع بالنص أم يفهم النص بالواقع؟ وهل يمكن التنظير المباشر للواقع دون النص؟ وهل يمكن أن يوجد نص بدون واقع؟
19
وحتى إذا عرض القدماء للصلة بين النقل والعقل، وهو وضع أفضل لمسألة النص من مشكلة خلق القرآن، فإن أقصى ما يمكن قوله هو أن العقل أساس للنقل، وحتى في هذه الحالة يغيب الواقع، وهو أزماتنا المعاصرة، ويكون السؤال عقل من؟ عقل الغني أم عقل الفقير؟ عقل المضطهد أم عقل المضطهد؟ ويفرض الواقع الاجتماعي نفسه على المادة القديمة ،
20
ويمكن أن نقول نفس الشيء في مشكلة خلق الأفعال ، فحرية الإنسان ومسئوليته عن أفعاله نازعها المعبود في المادة القديمة وأصبحت المشكلة الكبرى أيهما حر: الإنسان أم الله؟ كان هذا طبيعيا في عصر يود تأسيس التوحيد ضد المخاطر القديمة من الدهرية خاصة، ولكن الآن ليست الحرية في خطر من المعبود الإلهي إلا من الإيمان بالقضاء والقدر، ولكنها في خطر من المعبود السياسي أي من الحكام وهم معبودو اليوم، وفي خطر من الأنظمة الاجتماعية التي تقوم أساسا على إلغاء حرية البشر أو على افتراض أن البشر لا وجود لهم على الإطلاق،
21
ولما كانت المادة الكلامية القديمة قد تناولت الطبيعة أيضا من حيث صلتها بالمعبود الإلهي، هل الطبيعة عاصية عليه أم طيعة له؟ هل القوانين الطبيعية مستقلة بذاتها أم معتمدة عليه يمكنها أن تتوقف لتسمح له التدخل والفعل فيها؟ فإنها قد تكونت لتعبر عن نفس القضية وتدرأ نفس المخاطر التي كانت تهدد التوحيد القديم وأفكار العناية الإلهية وفعله في الكون، ولكن الآن هذه المخاطر قد تبددت بل إننا نواجه المخاطر المضادة، وهي عدم الاعتراف بالطبيعة على الإطلاق وإنكار استقلالها وجعلها خاضعة لسلطان أعظم يفعل بها ما يشاء، وكثيرا ما يكون السلطان هو الحاكم، وتقدس السلطة السياسية ذلك إمعانا في تثبيت دعائم الاستبداد، ويغذي الوضع السياسي الفكرة الدينية كما تثبت الفكرة الدينية الوضع السياسي القائم.
وتكثر في الفلسفة الأمثلة على أن مادة الفلسفة القديمة لم تعد صالحة للعصر الحاضر لارتباطها بظروف العصر الماضي، فمثلا نظرية العقول العشرة التي تدبر الأفلاك العشرة، ونظرية العقل الفعال الذي يدبر فلك الأرض، والحاوي لكل أنواع المعارف والعلوم، والواهب لكل الصور والعقولات، وقسمة العالم إلى ما فوق القمر وما تحت القمر، وتحديد كل شيء في هذا العالم طبقا لحركات الأفلاك واعتبار الأفلاك كائنات حية مشخصة وعاقلة، مدركة وحاسة، تقدر مصائر الناس ومظاهر الطبيعة، كل ما يتعلق بالفيض والصدور، كل ذلك أدخل في علم الفلك القديم وفي الأساطير القديمة استعملها الفلاسفة القدماء للتعبير من خلالها عن التوحيد الذي هو الموجود الأول الذي لا يحتاج في وجوده إلى غيره، والذي هو علم وحياة وقدرة وحكمة وعظمة وجلالة، أما الآن فهذه المادة لم تعد بذات دلالة، فالأفلاك موضوع لعلم الفلك، والطبيعة موضوع لعلم الطبيعة، والعقل والنفس موضوعات لعلم النفس، والتوحيد ذاته موضوع لعلم النفس والاجتماع لتحديد نشأة الأفكار الدينية في ظروف نفسية واجتماعية معينة اضطهاد أو غلبة.
অজানা পৃষ্ঠা