ঐতিহ্য ও নবায়ন: প্রাচীন ঐতিহ্য থেকে আমাদের অবস্থান
التراث والتجديد: موقفنا من التراث القديم
জনগুলি
البداية بقوانين العقوبات أو بتطبيق الحدود وكأن الإسلام يأتي أولا بالرجم والقتل وقطع اليد والتعذيب لأناس لا يعيشون في بيئة إسلامية، ولم يتربوا التربية الإسلامية، ولم يأخذوا حقوقهم التي أعطتها لهم الدولة الإسلامية، بل هم يعيشون في مجتمع الاستغلال والفقر، ومن ثم يسقط حد القطع بالشبهة، ويواجهون بالإثارة الجنسية في كل مظهر من مظاهر الحياة، ومن ثم يسقط حد الرجم بالشبهة. وقد وصف الأصوليون أحكام الوضع وجعلوها قائمة على السبب والشرط والمانع، بالإضافة إلى العزيمة والرخصة، والصحة والبطلان، فكل حد لا بد أن يتوافر فيه سببه، ويتحقق شرطه، ولا يوجد مانع من تحقيقه؛ فشرط تطبيق حد القطع هو السرقة عن شبع لا عن جوع، وسبب تطبيق الحد هو توافر الأهلية وليس وجود مواطن في مجتمع يقوم على السرقة والنهب والتطلع للكسب بشتى الطرق، فالجوع مانع من تطبيق الحد. وإن تصوير أي دعوة للناس على أنها تعاقب وتهدد لهي دعوة منفرة لا تنتشر إلا بين الصبية والمراهقين.
أما الأخطاء الناتجة عن التحليل السياسي للموقف فهي ليست أخطاء جوهرية، قد يقع فيها أي تنظيم، وهي في معظمها أخطاء ناتجة عن المنظور الفكري للجماعة وعن تكوينها الفكري والديني، فهي ليست أخطاء من حيث المبدأ، ولكنه فقط سوء تصرف من حيث الممارسة. (1-2) التغيير بواسطة الجديد
ويقع أنصار الجديد في أزمة مماثلة وهو بصدد تغيير الواقع، وتنتهي محاولاتهم أيضا إلى الفشل للأسباب الآتية: (1)
التشدق بألفاظ صعبة على الجمهور، تضفي على القائلين بها صفة التعالم وكأن الإنسان لا يغير واقعه ولا يثور عليه إلا بهذه الجعبة من الألفاظ، صحيح أن الأساس النظري لكل تغير ضروري، ولكن الواقع الفج في كثير من الأحيان يكون بديلا عن الأساس النظري أو بإمكانه أن يتحول إلى أساس نظري مباشر في بيئة تغلب عليها بساطة العمال والفلاحين وتعمها الأمية؛ لذلك لم تنتشر إلا في بعض أوساط المثقفين، وانحسرت عن الجماهير العريضة وعن الأوساط التي يمكنها فهم الألفاظ عن حقيقة واقتناع لا عن تعالم وترديد، وكأن الثورة السياسية محتاجة إلى هذه الجعبة الطويلة من الألفاظ التي تغني عنها الأمثال العامية والمأثورات الشعبية. (2)
التبعية لفكر الغرب، والوقوع ضحية عالمية الثقافة، وهو ما يضر أيضا بأيديولوجيتهم وبقضيتهم التي يعملون لها، وهذا لا ينفي عالمية النضال على المستوى العملي، وتبلغ هذه التبعية أحيانا درجة التقليد الأعمى والعمالة الفكرية وكأن النظرية المقروءة والتي نشأت من واقع غربي خاص لها من العموم والشمول ما يمكن به أن تنطبق على واقع آخر مغاير وخاص، فنقل الفكر ضار بالفكر المنقول لأنه يفصله عن واقعه الخاص، وضار بالواقع الجديد الذي له نظريته الخاصة، والفكر ليس كالمتاع ينقل من بيئة إلى أخرى بل هو المعبر النظري عن واقع خاص. (3)
معاداة التراث القومي للجماهير واستبداله بتراث آخر منقول لا تجد فيه الجماهير ذاتها، ومن ثم تظل دوائر منعزلة يسهل جرفها أمام تيار ثقافي قومي؛ لذلك يسهل اتهامهم بأنهم دخلاء ويصل الاتهام إلى حد الخيانة والتكفير وإهدار الدم، في حين أن الثورة السياسية هي تلك التي تقوم على أساس من الثقافة الوطنية للشعب، والتي تقوم بدورها على ما يفرزه الشعب من ثقافة تلقائية طبيعية ممثلة في أمثلته وحكاياته وأساطيره ودياناته، ولا يكفي إبراز الفنون الشعبية من رقص وموسيقى حتى تصبح الدعوة شعبية، ولكنها تصبح كذلك بالفكر الشعبي الممثل في الدين والأمثال، أي في المخزون النفسي عند الجماهير، لا فرق في ذلك بين ثقافة المفكرين وثقافة الجماهير. (4)
نقصان التنظير المباشر للواقع واستبدال نظريات مفروضة عليه به مع أن الرؤية الحسية المباشرة غالبا ما تكون أوضح من كل النظريات الجدلية الممكنة، ومن ثم تكون الدعوة القائمة على النظرة العلمية للواقع قاصرة على تحقيق ما تطلب؛ لأن الواقع ليس هو نقطة البداية بل هو ميدان لتحقيق النظرية، ولو لم تتحقق النظرية فإن الخطأ يكون في تركيب الواقع وليس في مراجعة النظرية، وهذا ضد المنهج العلمي الذي يغير من البناء النظري من حيث هو مجموعة من الافتراضات وطبقا لبناء الواقع الذي هو معطى لا بديل عنه ولا تغيير له، وبالرغم من ظهور الواقعية في الفن إلا أنها لم تظهر في الفكر ولا في المنهج ولا في الممارسة. (5)
عدم وجود برنامج ثوري قائم على تحليل إحصائي للواقع يعبر عن مصلحة الجماهير وتتقبله الناس، أما البرامج العامة، مثل الملكية العامة لوسائل الإنتاج، والتسيير الذاتي، والمزارع الجماعية أو الجمعيات التعاونية، فإنها لا تكفي كدليل للعمل الثوري، إن الواقع الخاص يفرض نظريته الثورية بطريقة أكثر وضوحا وسفورا من تطبيق البرامج الثورية النظرية، ففي بيئة تتكون من ثمانية عشر مليونا من الفلاحين يعيشون على ستة ملايين فدان، لا يكون الحد الأعلى للملكية فيها أكثر من ثلث فدان، وفي بيئة يكون متوسط الدخل القومي فيها للفرد لا يتجاوز مائة وعشرين جنيها سنويا لا يسمح بنظام للأجور تتفاوت فيه الدخول من واحد إلى خمسين، إن الواقع الثوري هو مصدر البرنامج لا النظرية الثورية.
6 (6)
الانتظار الطويل حتى تتقبل الجماهير الدعوة وحتى يمكن إقناعها بالأيديولوجية وحتى يتم تحزيبها بفضل الطليعة الثورية، وقد لا يحدث ذلك في جيل واحد، وتدل التجارب المماثلة على أن الجهد المبذول كان أكثر من النتيجة التي حصل عليها، وكأن الطليعة تتحدث مع نفسها والجماهير تهز رءوسها حيرة وتململا في حين أنها قد تهرع إلى مصطبة أو إلى حصير لسماع الراوي أو المقرئ في الأفراح والمآتم، ومن ثم يحدث الفصل بين الطليعة وجماهيرها، وتتحول الدعوة إلى أندية فكرية يعلم أفرادها بعضهم بعضا، ولا تخرج إلى الجماهير العريضة التي تلتف في الموالد حول الأعلام والبيارق. (7)
অজানা পৃষ্ঠা