وليس لشعب تونس جيش مسلح يقف أمام الجيش الفرنسي، ولكن له إيمانا بحقه في الحياة وحقه في أرضه ووطنه، فرفض في وحدة قوية شاملة كل تعاون مع السلطات الاستعمارية، إلى أن استحال على الحكومة الفرنسية أن تجد من بين التونسيين من يقبل تشكيل الوزارة بعد أن استقالت الوزارة التونسية (15 يونيو 1954) وبقيت تونس من غير حكومة أصلا.
ولقد وجدت تونس من يقودها في كفاحها المرير، أمثال صالح بن يوسف والمنجي سليم، وعلى رأسهم الحبيب بورقيبة رئيس الحزب الحر الدستوري التونسي الذي كان خارج تونس عندما شرع الاستعمار الفرنسي في عدوانه، فلم يقبل نصائح الأصدقاء الذين حذروه من الخطر على حريته وحياته، فرجع إلى وطنه إبان محنته ليقاسم الشعب آلامه وتضحياته.
وكانت رسائله تأتيني من منفاه بجزيرة جالطة، ثم من جزيرة «جروا» بفرنسا تحمل إيمانا وآمالا، فقد كتب لي بتاريخ 1 / 10 / 1951 قال:
أخي العزيز ورفيقي الأمين وعضدي المتين الأستاذ علي البلهوان
أخذ الله بيده وأعانه على أمره وجعل التوفيق حليفه.
وبعد، فقد استلمت رسالتك اللطيفة المؤثرة التي ما أتيت على آخر سطر منها حتى اغرورقت عيناي بالدموع؛ دموع السرور والفخر والامتنان؛ الامتنان إلى الله - عز وجل - الذي أحاط هذه الحركة المباركة النزيهة المخلصة برجال يعترفون بالحق لذويه، يعملون آناء الليل وأطراف النهار بكل ما أتوا من حكمة وخبرة وإخلاص لإعلاء دين الله وإعزاز عباده وإنقاذ دار من ديار الإسلام من هوة الذل والاستعباد، صابرين على المكروه صامدين في وجه العدوان، حتى يدركهم الله بنصره الذي وعد به عباده الصالحين.
وقد اخترت من رسائله واحدة؛ لأنها تبين قيمة الزعيم المعنوية، وتبلور عواطف وأفكار شعب كامل حول شخصه. فكتب لي من جزيرة «جالطة»:
الحمد لله وحده
جزيرة جالطة، يوم الجمعة 11 يوليو 1952
عزيزي علي
অজানা পৃষ্ঠা