حلف وحلفت بها على الشرائط المقدم ذكرها. وقال لي بعد ذلك: لعنك الله فما أنت إلا إبليس، والله لقدر سحرتني وعظمت مع ذلك في نفسي، وخففت ثقلًا عن قلبي، ولعمري إن المقتدر بالله لا يفرق بين موقعي وغنائي وكفايتي، وبين أخس كتابي مع الطمع الحاضر والمال المبذول، فليكن ما جرى منطويًا. فقلت: سبحان الله. فقال: إذا كان من غد فادخل إلى مجلس العموم لترى ما أُعاملك به. فقمت وقال: يا غلمان، بين يدي أبي عبد الله. فخرج بين يدي نحو مائتي غلام وعدت إلى داري. ولما طلع الفجر جئته عند الإصباح، وقد جلس في المجلس العام، فرفعني على كل من بحضرته، وقرظني تقريظًا كثيرًا، ووصفني وصفًا جميلًا، حتى علم الحاضرون صلاح رأيه، وأمر بإنشاء الكتب إلى عمال النواحي بصيانة ضياعي، وإعزاز وكلائي، وإمضاء رسومي، ووقع إلى كتاب الدواوين بإبطال ما ثبت فيها من الزيادة علي، وقص معاملاتي، فدعوت له وشكرته، وقمت، فقال: يا غلمان، بين يديه. فخرج الحجاب يجرون سيوفهم، والناس يشاهدونهم، ورجع جاهي واستقامت أموري. فما حدثت بذلك إلا بعد القبض عليه. قال القاضي أبو علي: فقال لي أبو علي بن الجصاص عند استتمامه لهذا الحديث: فهل فعل أبي ما فعله مما يليق بما يقال فيه ويحكى عنه؟ قلت: لا. قال: فكانت له في تلك المقالات والحماقات المروية إن كانت حقًا أغراض غير معروفة.
1 / 128