فأجاب عنه بأن حمل فعلها على ابتداء الإسلام.
قلت: هذا كلام من لم يطلع على كتب القوم، لأنه عليه الصلاة والسلام أقام بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة، كما رواه البخاري ومسلم، ثم تزوج بعائشة بالمدينة وبنى بها وهي بنت تسع، وبقيت عنده تسع سنين وما صلت إماما إلا بعد بلغوها فكيف يستقيم حمله(1)على ابتداء الإسلام.
وتصدى الأكمل(2)للجواب عن هذا، وقال: يجوز المراد بابتداء الإسلام ما قبل الانتساخ.
قلت: هذا بعيد من الأول؛ لأن هذا لم يكن في ابتداء الإسلام على ما دلت عليه الأخبار المذكورة، فإذا كان كذلك كيف يحمل هذا على ما قبل الانتساخ؟ انتهى(3).
فظهر بهذا كله أن من قال: إن أثر إمامة عائشة محمول على ابتداء الإسلام إن أراد به أنه منسوخ فالكلام معه كالكلام مع القائل بالنسخ، وإلا فقد أتى بشيء يتعجب منه من له اطلاع على كتب القوم.
وأما كلامهم أن فعل عائشة أو أم سلمة منسوخ، كان حين كانت
جماعتهن مستحبة.
فمخدوش بثلاثة وجوه:
الأول: أن المذهب عندنا أن انتقاء صفة الوجوب يستلزم انتفاء صفة الجواز كما عرف في الأصول، ولا فرق بين الوجوب والسنية في ذلك، فإذا نسخت السنية نسخ الجواز، فالاستدلال بالمنسوخ كما فعله أصحابنا حيث استدلوا بفعل عائشة على توسط إمام النساء مع قولهم بأنه منسوخ غير صحيح.
পৃষ্ঠা ৪৪