الملاء الأول بفتح الميم يطلق على معان شتى، والمراد منها جماعة الناس، والثاني بالضم جمع ملائه وهي الريطة من الثياب، والمعنى أن من أوصافه أن يمد على الملأ ثوب ستره أي الأبدان الساترة له حتى لا يظهر منه إلا آثاره فيها تشبيها لها بالثياب الساترة لما فيها. ثم قال: وشأنه أي حاله بعد انبساط ثوب ستره كشف الستور والملا لأنه من جملة أفعاله وتأثيراته وفي البيت الجناس المحرف.
وَيُكتَسي الثَوبُ اليَماني جِسمُهُ ... في كُلِ حِينٍ وَالتَعَري حُكمُه
يعني أنه بعد تلبسه بالبدن، يصدق عليه أن جسمه يكتسي الثوب اليماني في كل حين إذ جعله الله ريشا لمواراة سوأته ولباس التقوى، وحينئذ فالتعري حكمه أي شأنه إذ لا بد من التعري عند أن تدعو إليه الحاجة.
إِنّ لِبسَ السِترِ تَبدَت عورَتُهُ ... وَإن تَعرى تَتوارى سُوأَتُهُ
هذا المعنى راجع إلى قوله: يمد ثوب ستره على الملأ، والمعنى أنه بعد تعلقه بالجسم وتستره به يصدق عليه أنه ذو عورة باعتبار متعلقه وإن تعرى عن لبس الستر الذي هو الجسم بأن تجرد عنه، تتوارى سوأته أي عورته إذ لم يتصف بعورة ولا عدمها لعدم تعلقه بما يستلزم ذلك.
هَذا فَمَن طابَقَ كُلَ مَعنى ... حَتى رآهُ خارِجًا وَذِهنًا
فَحَسبُهُ قَد أَدرَك العَلومَ ... وَحَصَلَ المَنطوقُ وَالمَفهُومُ
وَحازَ بِالعَلامَة الشيرازي ... وَحازَ مَحصولَ الإِمامِ الرازي
وَفاق في الحِكمَةِ جالينوسا ... وَفي عُلومِ الفِقهِ بِطليموسا
وَكانَ في مَعرِفَةِ اليونانِ ... مَرجِحًا في كَفَةِ الميزانِ
وَيَغفِرُ الله لَنا ما كُتِب ... مِن كُلِ ما خالَف نَهجَ الأَدَبا
هذا آخر ما أورده الناظم قدس سره، والمعنى من هذه الأبيات واضح لا يفتقر إلى بيان، والله المستعان، وعليه الإعتماد، وبه التكلان، والحمد لله رب العالمين.
1 / 22