... وقال جماعة من أهل التاريخ : الذي بنى الأهرام سوريد بن سلهوق (¬1) ، وكان قبل الطوفان بثلاثمائة سنة ، وسبب ذلك أنه رأى في منامه كأن الأرض انقلبت بأهلها ، وكأن الناس هاربون على وجوههم ، وكأن الكواكب تساقطت ، ويصدم بعضها بعضا بأصوات هائلة ؛ فأغمه ذلك ، وكتمه ، ثم رأى بعد ذلك كأن الكواكب الثابتة نزلت إلى الأرض في صور طيور بيض ، وكأنها تخطف الناس ، وتلقيهم من جبلين عظيمين ، وكأن الجبلين انطبقا عليهم ، وكأن الكواكب النيرة مظلمة ؛ فانتبه مرعوبا ، فجمع رؤوس الكهنة من جميع أعمال مصر ، وكانوا مائة وثلاثين كاهنا ، وكبيرهم يقال له أفليمون ، فقص عليهم الرؤيا ، فأخذوا [ في ] (¬2) ارتفاع الكواكب، وبالغوا في / استقصاء ذلك ، فأخبروا بأمرالطوفان 2أ قال : أويلحق أرضنا هذا ؟ قالوا : نعم ، وتخرب ، وتبقى عدة سنين ، فأمر عند ذلك ببناء الأهرام ، وأمر بأن يعمل لها مسارب ، يدخل منها النيل إلى مكان بعينه ، ثم يفيض إلى مواضع من أرض المغرب ، وأرض الصعيد ، وملأها طلسمات ، وعجائب ، وأموالا وخزائن ، وغير ذلك ، وزبر فيها جميع ما قالته الحكماء ، وجميع العلوم النافعة الغامضة ، والنواميس ، وأصناف العقاقير ومنافعها ومضارها ، وعلم الطلسمات ، والحساب ، والهندسة ، والطب ، وكل ذلك مفسر لمن يعرف كتابتهم ولغاتهم ، فلما أمر ببنائها قطعوا الاسطوانات العظام ، والبلاطات الهائلة ، وأحضروا الصخور من ناحية أسوان، فبنى بها أساس الأهرام الثلاثة ، وشدها بالرصاص والحديد ، وجعل أبوابها تحت الأرض أربعين ذراعا ، وجعل ارتفاع كل واحد مائتي ذراع بالملكي ، وهي خمسمائة ذراع بذراعنا الآن ، وجعل ضلع كل واحد من جميع جهاته مائة ذراع ، وكان ابتدأ بناءها في طالع سعيد ، فلما فرغ من بنائها كساها ديباجا ملونا من فوق إلى أسفل، وعمل لها عيدا أحضر فيه أهل مملكته كلهم، ثم عمل في الهرم الغربي ثلاثين مخزنا مملوءة بالأموال الجمة، والألات، والتماثيل المعمولة من الجواهر النفيسة، وآلات الحديد الفاخرة، والسلاح الذي لا يصدأ، والزجاج الذي ينطوي، ولا ينكسر، والطلسمات الغريبة، وأصناف العقاقير المفردة والمؤلفة، والسموم القاتلة، وغير ذلك / وجعل في الهرم الشرقي 2 ب أصناف القباب الفلكية، والكواكب، وما عمل أجداده من القباب والتماثيل والدخن التي يتقرب بها إليها ومصافحها، وجعل في الهرم الملون (¬1) أخبار الكهنة في توابيت من صوان أسود، ومع كل كاهن مصفحة، وفيها عجائب صنعته، وسيرته وعمله، وما عمل في وقته، وما كان، وما يكون من [أول] (¬2) الزمان إلى آخره، وجعل لكل هرم خازنا، فخازن الهرم الغربي صنم من حجر صوان واقف، ومعه شبه حربة، وعلى رأسه حية مطوقة من قرب منه وثبت عليه من ناحية قصده، وطوقت على عنقه فتقتله، ثم تعود إلى مكانها، وجعل خازن الهرم الشرقي صنما من جزع أسود، وله عينان براقتان، وهو جالس على كرسي، ومعه شبه حربة إذا نظر إليه ناظر سمع من جهته صوتا يفزع قلبه، فيخر على وجهه، ولا يبرح حتى يموت، وجعل خازن الهرم الملون صنما من حجر البهت على قاعدة، من نظر إليه اجتذبه الصنم حتى يلصق به، ولا يفارقه حتى يموت.
وذكر القبط في كتبهم أن عليها كتابة منقوشة، تفسيرها بالعربية: أنا سوريد الملك، بنيت الأهرام في وقت كذا وكذا، وتممت بناءها في ست سنين، فمن أتى بعدي، وزعم أنه مثلي فليهدمها في ستمائة سنة، وقد علم أن الهدم أيسر من البناء، وكسوتها عند فراغها الديباج، فليكسها الحصر.
পৃষ্ঠা ৩