وحدثنا أحمد بن الخليل قال: حدثنا أبو سلمة عن حبابة بنت عجلان عن أمها أم حفص عن صفية بنت جرير عن أم حكيم بنت وداع الخزاعية قالت: قلت للنبي ﷺ: ما جزاء الغنى من الفقير؟ قال: (النصيحة والدعاء) قلت: يكره رد اللطف؟ قال: (ما أقبحه، لو أهديت على ذراع لقبلت، ولو دعيت على كراع لأجبت، تهادوا فإنه يضعف الحب ويذهب بغوائل القلوب) .
* * * وحدثني محمد بن سلام الجمحي قال حدثني خلاد بن يزيد الباهلي قال: أهديت ليزيد بن عمر بن هبيرة في يوم المهرجان هدايا وهو أمير العراق فصفت بين يديه، فقال خلف بن خليفة وكان حاضرا:
كأن شماميس في بيعة ... تسبح في بعض عيداتها
وقد حضرت رسل المهرجا ... ن وصفوا كريم هدياتها
علوت برأسي فوق الرءوس ... فأشخصته فوق هاماتها
لأكسب صاحبتي صحفة ... تغيظ بها جاراتها
فأمر له بجام من ذهب، ثم أقبل يفرق بين جلسائه تلك الهدايا، وينشد:
لا تبخلن بدنيا وهى مقبلة ... فليس ينقصها التبذير والسرف
فإن تولت فأحرى أن تجود بها ... فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف
* * * كتب رجل من أصحاب السلطان على بعض العمال يستهديه مهارة من ناحية عمله. فكتب إليه العامل: أما المهارة فإن أهل عملنا يصونونها صيانة الأعراض، ويسترونها ستر الحرم، ويسومون بها مهور العقائل، وأنا مستخلص لك منها ما يكون زين المربط وحملان الصديق، إن شاء الله.
وقال بعضهم: الهدية إذا كانت من الصغير إلى الكبير، فكلما لطفت ودقت كان أبهى لها، وإذا كانت من الكبير على الصغير، فكلما عظمت وجلت كان أوقع لها وأنجع.
وكتب أبو السمط:
بدولة جعفر حسن الزمان ... لنا بك كل يوم مهرجان
ليوم المهرجان بك اختيال ... وإشراق ونور يستبان
جعلت هديتى لك فيه وشيا ... وخير الوشى ما نسج اللسان
* * * أهدى حسام بن مصك نعلا رقيقة، فجعل قتادة يزنها بيده، وقال: إنك تعرف سخف عقل الرجل في سخف هديته.
وقال الشاعر:
سقى حجاجنا نوء الثراي ... على ما كان من بخل ومطل
هم جمعوا النعال وأحرزوها ... وسدوا دونها بابا بقفل
إن أهد نفسي فهي من ملكه ... أو أهد مالي فهو من ماله
* * * لما قدم معاوية المدينة منصرفًا عن مكة، بعث على الحسن والحسين وعبد الله ابن جعفر وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن صفوان بن أمية بهدايا من كسى وطيب وصلات من المال، ثم لرسله: ليحفظ كل رجل منكم ما يرى ويسمع من الرد. فلما خرج الرسل من عنده، قال لمن حضر: إن شئتم أنبأناكم بما يكون من القوم، قالوا: أخبرنا يا أمير المؤمنين، قال أما الحسن فلعله ينيل نساءه شيئا من الطيب وينهب ما بقي من حضره ولا ينتظر غائبا. وأما الحسين فيبدأ بأيتام من قتل مع أبيه بصفين، فإن بقى شيء نحر به الجزر وسقى به اللبن.
وأما عبد الله بن جعفر فيقول: يا بديح اقض به ديني، فإن بقى شيء فأنفذ به على عداتي. وأما عبد الله بن عمر فيبدأ بفقراء بني عدي بن كعب، فإن بقى شيء ادخره لنفسه ومان به عياله. وأما عبد الله بن الزبير فيأتيه رسولي وهو يسبح فلا يلتفت غليه ثم يعاوده الرسول فيقول لبعض كفاته خذوا من: رسول معاوية ما بعث به. وصله الله وجزاه خيرا، لا يلتفت غليها وهى أعظم في عينه من أحد، ثم ينصرف على أهله فيعرضها على عينه ويقول: ارفعوا، لعلى أن أعود بها على ابن هند يوما ما. وأما عبد الله بن صفوان فيقول: قليل من كثير، وما كل رجل من قريش وصل إليه هكذا، ردوا عليه، فإن رد قبلناها. فرجع رسله من عندهم بنحوها مما قال معاوية، فقال معاوية: أنا ابن هند! أعلم من قريش.
* * * قال يونس بن عبيد: أتيت ابن سيرين فدعوت الجارية، فسمعته يقول: قولوا له: إني نائم -يريد: سأنام-، فقلت: معي خبيص، فقال مكانك حتى أخرج إليك.
قال رجل لبى الدرداء: إن فلانا يقرئك السلام، فقال: هدية حسنة ومحمل خفيف.
وبعث رجل إلى جارية يقال لها "راح" براح وكتب إليها:
قل لمن يملك الملو ... ك وإن كان قد ملك
قد شربناك فاشربي ... وبعثنا إليك بك
أهدى رجل إلى عبيد بن الأخطل شاة مهزولة، فكتب إليه عبيد:
وهبت لنا يا أخا منقر ... وعجل وأكرمها أولا
1 / 25