من علوم السادة عليهم السلام على حكم بالغة ومواعظ شافية وترغيب فيما يبقى، وتزهيد فيما يفنى، ووعد ووعيد، وحض على مكارم الأخلاق والافعال ونهي عن مساويهما، وندب إلى الورع وحث على الزهد. ووجدت بعضهم عليهم السلام قد ذكروا جملا من ذلك فيما طال من وصاياهم وخطبهم ورسائلهم وعهودهم، وروي عنهم في مثل هذه المعاني ألفاظ قصرت وانفردت معانيها وكثرت فائدتها ولم ينته إلي لبعض علماء الشيعة في هذه المعاني تأليف أقف عنده ولا كتاب أعتمد عليه وأستغني به يأتي على ما في نفسي منه. فجمعت ما كانت هذه سبيله وأضفت إليه ما جانسه وضاهاه وشاكله وساواه من خبر غريب أو معنى حسن متوخيا (1) بذلك وجه الله - جل ثناؤه - وطالبا ثوابه وحاملا لنفسي عليه ومؤدبا لها به (2) وحملها منه على ما فيه نجاتها شوق الثواب وخوف العقاب، ومنبها لي وقت الغفلة ومذكرا حين النسيان ولعله أن ينظر فيه مؤمن مخلص فما علمه منه كان له درسا وما لم يعلمه استفاده فيشركني في ثواب من علمه وعمل به، لما فيه من أصول الدين وفروعه وجوامع الحق وفصوله وجملة السنة وآدابها وتوقيف الأئمة وحكمها والفوائد البارعة والاخبار الرائقة (3) وأتيت على ترتيب مقامات الحجج عليهم السلام وأتبعتها بأربع وصايا شاكلت الكتاب ووافقت معناه. وأسقطت الأسانيد تخفيفا وإيجازا وإن كان أكثره لي سماعا ولان أكثره آداب وحكم تشهد لانفسها ولم أجمع ذلك للمنكر المخالف بل ألفته للمسلم للأئمة، العارف بحقهم، الراضي بقولهم، الراد إليهم.
وهذه المعاني أكثر من أن يحيط بها حصر وأوسع من أن يقع عليها حظر وفيما ذكرناه مقنع لمن كان له قلب، وكاف لمن كان له لب.
পৃষ্ঠা ৩