تطلعت إليه لحظة ثم واصلت طريقي أنا وزوجتي في صمت.
استأنف الأتوبيس جولته في شوارع المدينة، وبين الحين والآخر كان البحر يتراءى لنا من خلال شوارع جانبية تؤدي إلى ميناء ازدحم بالقوارب والسفن.
توقفنا في ميدان صغير تتوسطه نافورة على شكل طبلة تكسوها مربعات من الخزف الأزرق المزوق برسوم. وفوق النافورة ارتفعت ثلاثة رءوس برونزية ضخمة للسمكة المعروفة بحصان البحر، وقد تلاقت قممها على شكل هرمي.
قال المرشد: «نحن في ميدان الشهداء اليهود، وتعود هذه التسمية إلى عام 1943م، عندما احتلت القوات النازية الجزيرة؛ فقد جمعوا هنا يهود الجزيرة كلهم، وكان عددهم يربو على ألفي شخص، ثم قاموا بترحيلهم إلى معسكرات الاعتقال المختلفة في أوروبا.»
مررنا بمبنى قديم أشبه بالثكنة العسكرية، فقال المرشد إنه مسرح الفنون الشعبية. وانتصب واقفا، واستدار يواجهنا وهو يضيف في حماس: «هذا المسرح خصص دخل إحدى حفلات الأسبوع الماضي لضحايا الغزو الإسرائيلي للبنان.»
لم يعلق أحد بشيء، فاستعاد المرشد هدوءه وأعطانا ظهره من جديد وغاص في مقعده. انتقل الأتوبيس إلى شوارع غصت بالمقاهي والمطاعم والفنادق الحديثة، وانتشرت بها رائحة الياسمين، ثم خرجنا فجأة إلى شاطئ البحر.
استنشقت الهواء المحمل برائحة الأسماك في لهفة. وبدت حافة الماء نظيفة من أي مخلفات. وبالمثل كانت رمال الشاطئ التي اصطفت فوقها مظلات المصيفين الملونة في نظام بديع.
ثم صافحت عيني زرقة كثيفة لم أر مثلها من قبل، وكانت تزداد كثافة كلما قاربت الأفق.
توقف الأتوبيس إلى جوار رصيف الكورنيش. وشعرت بهرج مفاجئ بين الركاب. وعندئذ تبينت أن بعض المستلقيات على الشاطئ قد عرين صدورهن.
حدقت سيدة محجبة في استنكار، ووضعت عارية الكتفين التي لا تدخن إصبعها في شفتها، متأملة المشهد في ابتسامة خجلى وحاسدة في الوقت نفسه. وتشبثت العروس بيد عريسها في شدة كأنما تخشى أن يقفز هاربا.
অজানা পৃষ্ঠা