فقال الاسكتلندي: «إن جلالتك يا مولاي، إن شئت، ينبغي أن تتهاون معنا نحن فقراء اسكتلندا من النبلاء في هذا الشأن، فنحن عن الوطن بعيدون، مواردنا قليلة، ولا نستطيع أن نقيم أودنا كما يستطيع أشرافكم الأغنياء الذين لهم ثروة اللمبارد. وإن ضرابنا ليكونن على الأعراب أشد وقعا لو أنا تناولنا من لحم الغزال المجفف الحين بعد الآخر مع ما نأكل من العشب ومن خبز الشعير.»
فقال رتشارد: لست بحاجة إلى رضاي ما دام توماس دي فو - كغيره ممن يتحوطني من الرجال - يعمل ما يروق في عينيه، وقد أذن لك بالصيد والقنص.»
فأجاب الاسكتلندي وقال: «إنما أذن لي بالصيد فقط يا مولاي، ولكن إن أردت جلالتكم أن تمن علي بمنة القنص، وكذلك إن بدا لكم أن تأذنوا لي باستخدام البزاة، فإني آخذ على نفسي أن أمد سرادقكم الملكي بخير طيور الماء.»
فقال الملك: «لو كان لك باز ما كنت تنتظر منا الإذن، وأنا أعرف جيدا أنه يقال عنا خارج بلادنا إننا أبناء أنجو نستنكر الاعتداء على ما شرعنا للغاب من سنن، كما نستنكر الخيانة لتاج الملك، ولكنا نعفو عن هذه الإساءة - كما نعفو عن تلك - للرجال الشجعان ذوي المكانة. ولكن دعنا من هذا، إنما أريد أن أعرف منك أيها الفارس لماذا ومن ذا الذي أذن لك أن تقوم برحلتك الحديثة العهد إلى قفار البحر الأحمر وإلى عين جدة؟»
فقال الفارس: «بأمر من مجمع أمراء الحروب الصليبية المقدسة.» «وكيف يجسر امرؤ على إصدار مثل هذا الأمر وأنا - ولست قطعا بأقلهم شأنا في هذا المجمع - غير عالم به؟»
فقال الاسكتلندي: «لم يكن من شأني يا جلالة الملك أن أسأل عن مثل هذه الدقائق، إنما أنا جندي من جنود الصليب، ولا ريب أني أخدم الآن تحت لواء جلالتكم، وأنا فخور لأنكم قد أذنتم لي بذلك، ولكني لست مع ذلك إلا رجلا يحمل الرمز المقدس في سبيل حقوق المسيحية واسترداد القبر المقدس، وأنا لذلك مكره على أن أطيع طاعة عمياء أوامر الأمراء والزعماء الذين يدبرون هذا المشروع المبارك، وإني والعالم المسيحي بأجمعه نندب انحرافهم عن جلالتكم، وإبعادهم إياكم لفترة وجيزة - على ما أرى - عن مجامعهم التي لجلالتكم فيها صوت قوي مسموع. ولكني كجندي يجب أن أطيع أولئك الذين يئول إليهم حق الحكم شرعا، وإلا كنت مثالا سيئا في معسكر المسيحيين.»
فقال الملك رتشارد: «حق ما تقول، ولا لوم عليك في ذلك ولا تثريب، وإنما العتب على أولئك الذين أرجو أن أواجههم عين عين حينما يكتب لي الله أن أنهض من هذا الفراش اللعين، فراش المرض والفتور ؛ ولكن هلا خبرتني فحوى رسالتك؟»
فأجاب السير كنث وقال: «أظن يا جلالة المليك أن هذا السؤال جدير به أولئك الذين أنا رسول منهم، فهم أقدر على إبداء العلة في رسالتي، أما أنا فلا أستطيع إلا أن أتحدث عن ظاهر معناها ومغزاها وحسب.»
فقال الملك النزق: «لا تراوغني أيها السيد الاسكتلندي، إن في هذا لخطرا على سلامتك.»
فأجاب الفارس رابط الجأش وقال: «سلامتي يا مولاي أنا لا أكترث لها، فما هي إلا من توافه الأمور إزاء يمين أقسمتها لهذا المشروع، وإني لا أنظر إلا إلى نعيم الخلد في الدار الباقية، ولا تعنيني سعادة الجسد في هذه الدنيا الفانية.»
অজানা পৃষ্ঠা