فتمتمت برنجاريا قائلة: «اصرف هذا الرجل، إنه يقتلني بمرآه!»
فقال رتشارد وما عتم مشيحا بوجهه: «اغرب عنا أيها الخادم، فيم بقاؤك هنا؟ وهل يليق بك أن تنظر إلى هؤلاء السيدات؟»
فقال الرجل: «لتكن مشيئة مولاي.»
فأجاب رتشارد: «عني أيها الوغد! قاتلك الله.»
ثم اختفى الرجل بعدما رمق بنظره الملكة الحسناء وقد خلعت عنها رداءها، وبدا للعيان جمالها الطبيعي، وعلى شفتيه ابتسامة الإعجاب، وبسمته أبغض إلى النفس من عبوسه المألوف وكراهيته الساخرة لبني الإنسان.
ثم قال رتشارد: «والآن ماذا تريدين أيتها المرأة الحمقاء؟» واستدار بجسمه في أناة وشبه إباء نحو هذه الملكة المتضرعة.
وليس من الطبيعي لامرئ أيا كان - بله رجل كرتشارد يعجب بالجمال ويحله في المحل الثاني بعد المجد - أن ينظر بغير عاطفة إلى طلعة مخلوق جميل كبرنجاريا وإلى ترنحه وارتجافه، أو أن يحس بشفتيها وجبينها وهما على يده، وقد بللتها بالدموع، دون أن تفعم العاطفة قلبه، فأخذ الملك يلفت نحوها محياه المسترجل شيئا فشيئا، وفي عينيه الكبيرتين الزرقاوين اللتين كثيرا ما يشع منهما ضياء لا يحتمل، كل ما وسعتا في نظرات اللين والدعة، وأخذ يمسح برأسها الجميل، ويرسل أصابعه الكبيرة خلال فرعها الفاتن المسدول، ثم رفع جبينها الملائكي ولثمه برفق وصاحبته تبدي رغبتها في إخفائه في يده، وهذا الجسم الضخم، وذاك الجبين النبيل العريض، وتلك النظرات المهيبة، وذاك الساعد والكتف العاريتان، وجلود الأسد التي كان يستلقي عليها، وذلك المخلوق الضعيف الذي خر إلى جواره على ركبتيه، كل هذا يصح أن يكون تمثالا لهركيوليز ،
1
وقد اتفق وزوجه «ديمانيرا» بعد ما وقع بينهما من خلاف. «إني لأتساءل ثانية ماذا تريد سيدة قلبي في سرادق فارسها في هذه الساعة الباكرة التي لم تألف؟»
فقالت الملكة: «العفو، العفو، سيدي الكريم.» وقد تملكتها المخاوف ثانية، ولم يعد في وسعها أن تؤدي واجب الشفاعة.
অজানা পৃষ্ঠা