قال ابن القيم في الهدي: من الأمراض مادية تكون عن زيادة مادة أفرطت في البدن حتى أخذت أفعاله الطبيعية وهي الأمراض الأكثرية, وسببها إدخال الطعام على البدن قبل الهضم الأول, والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه, وتناول الأغذية القليلة النفع, البطيئة الهضم, والإكثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة وإذا ملاء الآدمي بطنه من هذه الأغذية, واعتاد ذلك: أورثه أمراضا متنوعة فإذا توسط في الغذاء وتناول منه قدر الحاجة, وكان معتدلا في كمية وكيفية, كان انتفاع البدن به أكثر من انتفاعه بالغذاء الكثير.
ومراتب الغذاء ثلاثة: أحدها مرتبة الحاجة, والثانية مرتبة الكفاية, الثالثة مرتبة الفضلة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكفيه لقمات يقمن صلبه فلا تسقط قوته ولا تضعف معه؛ فإذا تجاوزها: فليأكل في ثلث بطنه ويدع الثلث الآخر للماء, والثلث للنفس.
وهذا من أنفع ما للبدن والقلب, فإن البطن إذا امتلأ من الطعام, ضاق عن الشراب, فإذا أورد عليه الشراب, ضاق عن النفس, وعرض له الكرب والتعب بجمله بمنزلة حامل الثقيل, والشبع المفرط يضعف القوى والبدن: [وإن خصبه] وإنما يقوى البدن بحسب ما يقبل من الغذاء لا بحسب كثرته.
فلما كان في الإنسان جزء أرضي, وجزء مائي, وجزء هوائي: قسم النبي صلى الله عليه وسلم طعامه وشرابه ونفسه إلى الأجزاء الثلاثة.
فإن قيل: فأين الحظ الناري؟ قيل: هذه مسئلة خلاف, فمن الناس من يقول: ليس في البدن جزء ناري, وعليه طائفة من الأطباء وغيرهم, ومنهم من أثبته.
পৃষ্ঠা ৮৩