يزيد عدد الذين يمكن وصفهم بأنهم ثنائيو اللغة كثيرا عندما نركز على استخدام اللغة؛ فمن ناحية، نجد العامل المهاجر الذي قد يتحدث ببعض الصعوبة لغة الدولة المضيفة له، والذي لا يستطيع القراءة أو الكتابة بها. ومن ناحية أخرى، نجد المترجم الشفوي المحترف الذي يتمتع بطلاقة لغوية تامة في لغتين. وبين هذين الاثنين، نجد العالم الذي يقرأ المقالات ويكتبها بلغة ثانية لكنه نادرا ما يتحدث بها، والزوج الأجنبي الذي يتعامل مع أصدقائه بلغته الأولى، وأحد أعضاء الأقليات اللغوية الذي يستخدم لغة الأقلية في المنزل فقط ولغة الأغلبية في كل مجالات الحياة الأخرى، والإنسان الأصم الذي يستخدم لغة الإشارة مع أصدقائه ولغة منطوقة (عادة في صورتها المكتوبة) مع شخص يسمع، إلى آخره. على الرغم من التنوع الكبير بين هؤلاء الأشخاص، فإنهم يشتركون جميعا في سمة مشتركة، وهي أنهم يعيشون حياتهم مع استخدام لغتين أو أكثر. (2) الطلاقة اللغوية واستخدام اللغة
على الرغم من التركيز المتزايد على استخدام اللغة عند وصف الأشخاص الثنائيي اللغة، فإننا لا نستطيع الاستغناء تماما عن فكرة الطلاقة؛ أي اللغات التي يعرفها الأشخاص الثنائيو اللغة ودرجة إجادتهم لها. هذا وقد صنعت الشبكة الموضحة في الشكل
2-1 ، بحيث تضع في الاعتبار كلا العاملين.
يعرض استخدام اللغة بطول المحور الرأسي للشبكة بتسلسل (بداية من عدم الاستخدام «على الإطلاق»، وحتى الاستخدام «يوميا»)، وتوجد الطلاقة بطول المحور الأفقي (بداية من الطلاقة «المنخفضة»، وحتى الطلاقة «العالية»). يمكن تحديد مكان لغات الأشخاص الثنائيي اللغة على الشبكة بناء على المستويات التي وصلوا إليها فيها في كل من البعدين. في المثال الموجود، أستعرض الثنائية اللغوية لدى آنا، وهي طالبة تدرس الكيمياء في سنتها الثانية في إحدى الجامعات الكبرى في وسط غرب الولايات المتحدة؛ فبسبب خلفيتها (فقد هاجر والداها من جمهورية الدومينيكان)، والسنة التي قضتها في إيطاليا، واللغات التي درستها في المدرسة، تمتلك أربع لغات: الإنجليزية والإسبانية والإيطالية والفرنسية. وهي تتمتع بطلاقة عالية في اللغة الإنجليزية، وطلاقة متوسطة في الإسبانية، وتستخدم اللغتين كلتيهما يوميا. يعتبر مستوى طلاقة آنا في اللغة الإيطالية منخفضا إلى حد ما، وتستخدمها من حين لآخر مع صديقة التقت بها في إيطاليا (تعرف هذه الصديقة ثلاثا من اللغات التي تتحدث بها آنا)، كما أن مستوى طلاقتها في اللغة الفرنسية منخفض، ولا تستخدم هذه اللغة أبدا. (قد يرغب القراء المهتمون في ملء الشبكة بلغاتهم الخاصة بناء على استخدامها ومستويات الطلاقة فيها.)
شكل 2-1: وصف الأشخاص الثنائيي اللغة من حيث استخدام اللغة والطلاقة اللغوية. إن اللغات المعروضة في هذا المثال هي: الإنجليزية (اللغة الأولى)، والإسبانية (اللغة الثانية)، والإيطالية (اللغة الثالثة)، والفرنسية (اللغة الرابعة).
يضع التعريف القديم للثنائية اللغوية التركيز على الطلاقة اللغوية العالية (الجزء الأيمن من الشبكة). ونظرا لأن آنا لديها طلاقة متوسطة في اللغة الإسبانية، فربما لا يمكن اعتبارها ثنائية اللغة وفقا لوجهة النظر هذه. أما التعريف الحديث للثنائية اللغوية، فيضع التركيز على الاستخدام المنتظم للغة (الجزء العلوي من الشبكة)؛ فنرى أن آنا تستخدم كلا من الإنجليزية والإسبانية بصفة يومية؛ لذا يمكن اعتبارها من الأشخاص الثنائيي اللغة. ويعتمد كون آنا ثلاثية اللغة (في اللغات الإنجليزية والإسبانية والإيطالية) على وضعها فيما يتعلق بتسلسل استخدام اللغة. للوهلة الأولى يمكننا القول إنها ثنائية اللغة في اللغتين الإنجليزية والإسبانية وتعرف قليلا عن اللغتين الإيطالية والفرنسية، وهذا نمط شائع في عصرنا الحالي؛ فقد يستخدم ثنائيو اللغة لغتين أو أكثر بصفة منتظمة، ويكون لديهم أيضا قدر من المعرفة بلغة أخرى أو أكثر.
سأتحدث طوال الوقت في هذا الكتاب عن موضوع اللغات التي يعرفها الأشخاص الثنائيو اللغة، حتى إن كان مستوى طلاقتهم فيها منخفضا للغاية، واللغات التي يستخدمونها؛ وسأفعل هذا عن طريق الإشارة إلى هذه الشبكة. (3) تعقيد الأمور قليلا
يجب وضع الكثير من العوامل الأخرى - بالإضافة إلى البيانات الشخصية التقليدية (السن والجنس والوضع الاجتماعي والاقتصادي والوظيفة وغيرها) - في الاعتبار عند وصف الأشخاص الثنائيي اللغة. سأذكر القليل منها هنا وأتابع تناول بعضها في الفصول التالية.
أولا: كما أشرنا في الشكل
2-1 ، لا بد لنا أن نعرف اللغات التي توجد لدى الأشخاص الثنائيي اللغة معرفة حقيقية بها، وتلك التي يستخدمونها. يعرف كثير منا عدة لغات بدرجات متفاوتة (أربع لغات في حالتي)، لكننا نستخدم عددا قليلا منها على نحو منتظم (لغتين في حالتي). كذلك لا بد لنا أن نعرف نوع العلاقة بين اللغات التي يستخدمها الشخص؛ فسيساعدنا هذا على فهم التأثير الذي قد تمارسه لغة ما على اللغات الأخرى (فاللغات التي تكون قريبة بعضها من بعض، على سبيل المثال، يزيد احتمال تأثير بعضها على بعض).
অজানা পৃষ্ঠা