197

فهل يعقل أن الصحابة الحاضرين الذين سمعوا وصايا الرسول الثلاث عند موته ينسون الوصية الثالثة وهم الذين كانوا يحفظون القصائد الشعرية الطويلة بعد سماعها مرة واحدة ؟ كلا ولكن السياسة هي التي أجبرتهم على نسيانها وعدم ذكرها ، إنها مهزلة أخرى من مهازل هؤلاء الصحابة ، ولان الوصية الاولى لرسول الله كانت - بلا شك - استخلاف علي بن أبي طالب فلم يذكرها الراوي .

مع أن الباحث في هذه المسألة يجد رائحة الوصية لعلي تفوح رغم كتمانها وعدم ذكرها فقد أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الوصايا كما أخرج مسلم

( 1 ) صحيح البخاري ج 1 ص 121 باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير ، صحيح مسلم ج 5 ص 75 كتاب الوصية .

( 196 )

أيضا في صحيحه في كتاب الوصية أنه ذكر عند عائشة أن النبي أوصى إلى علي (1) ، أنظر كيف يظهر الله نوره ولو ستره الظالمون .

أعود فأقول إذا كان هؤلاء الصحابة غير ثقاة في نقل وصايا رسول الله فلا لوم بعد ذلك على التابعين وتابعي التابعين .

وإذا كانت عائشة أم المؤمنين لا تطيق ذكر اسم علي ولا تطيب لها نفسا بخير كما ذكر ذلك ابن سعد في طبقاته (2) والبخاري في صحيحه ( باب مرض النبي ووفاته ) وإذا كانت تسجد لله شكرا عندما سمعت بموته ، فكيف يرجى منها ذكر الوصية لعلي وهي من عرفت لدى الخاص والعام بعدائها وبغضها لعلي وأولاده ولاهل بيت المصطفى .

فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

***

( 1 ) صحيح البخاري ج 3 ص 68 باب مرض النبي ووفاته صحيح مسلم ج ص 14 من كتاب الوصية .

( 2 ) طبقات ابن سعد القسم الثاني من الجزء 2 ص 29 .

পৃষ্ঠা ১৯৮