The Tatars from the Beginning to Ain Jalut

রাগেব সারজানি d. Unknown
100

The Tatars from the Beginning to Ain Jalut

التتار من البداية إلى عين جالوت

জনগুলি

القيمة الأولى: العلم الشرعي والعلماء القيمة الأولى التي حفظت مصر في ذلك الوقت: قيمة العلوم الشرعية وعلماء الدين، فطيلة أيام الأيوبيين في مصر ومنذ أن رسخ صلاح الدين الأيوبي ﵀ المذهب السني في مصر بعد قضائه على الدولة الفاطمية الخبيثة، كانت قيمة العلماء مرتفعة جدًا في أعين الناس والحكام على السواء، حتى إنه كما رأينا عندما صعدت شجرة الدر إلى كرسي الحكم قام العلماء بإنكار ذلك، وكتبوا الرسائل المعادية للملكة، وحفزوا الناس على رفض هذا الأمر، ولم تستطع شجرة الدر ولا أحد من أعوانها أن يوقف هذه الحركة الجريئة من العلماء، فلم تقيد حرية عالم أبدًا، ولم يغيب في ظلمات السجون، ولم يمنع من إلقاء الدروس والخطب، وأيضًا كان من نتيجة أسلوب الأيوبيين في تربية المماليك على الدين أساسًا، ثم على الفروسية والقتال أن احتاج الحكام إلى العلماء باستمرار؛ حيث كانوا يشاركون في تربية الجيش الذي يعتمد عليه الحاكم في حكمه، وقد أثرت هذه التربية أيضًا في المماليك أنفسهم، فأصبحوا يعظمون العلم والعلماء، كما ذكرنا قبل ذلك، وكان إذا قام رجل يقول: قال الله ﷿ أو قال الرسول الكريم ﷺ اجتمع له الناس والحكام على السواء وأنصتوا، وشتان بين شعب ابتعد عن الدين فترة من الفترات، ولكنه مازال يقدر الدين والعلماء، وبين شعب آخر تربى على اعتبار الدين من التقاليد القديمة التي قد تعظم تعظيمًا رمزيًا، مثل أي أثر تاريخي، وقد كان من المستحيل على الشعب في مصر أيام الأيوبيين والمماليك أن يهزأ بعالم دين أو بشيخ في مسجد، أو بأي رجل حمل صبغة إسلامية، بل كان من المستحيل على الشعب أن يرفض أي مبدأ إسلامي أو أي قانون شرعي، فقد كان الشعب معظمًا تمامًا للدين ومحبًا للإسلام، ولهذه القيمة العالية للعلم والعلماء في مصر كانت مصر ملاذًا للعلماء الذين لا يجدون في بلادهم فرصة لتعليم الناس، ولهذا فزيادة على علماء مصر وعلماء الأزهر الشريف-والأزهر الشريف في ذلك الوقت كان سنيًا تمامًا بعد ذهاب الدولة الفاطمية- جاء إلى مصر علماء أفاضل من بلاد إسلامية أخرى، ولا شك أن هؤلاء العلماء أضافوا إضافات جليلة لحركة العلم في مصر، ومن أشهر هؤلاء العلماء الذين جاءوا إلى مصر في ذلك الوقت العز بن عبد السلام ﵀، وهو من أعظم علماء المسلمين والملقب بـ سلطان العلماء، فهذا العالم الجليل كان يعيش في دمشق، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان يحكم دمشق في تلك الفترة الملك الصالح إسماعيل أخو الملك الصالح نجم الدين أيوب، وكان الملك الصالح إسماعيل على خلاف كبير جدًا مع أخيه، وكان على غير شاكلته تمامًا، فقد كان مواليًا للصليبيين متعاونًا معهم، خائنًا لبلاده، وكثيرًا ما أنكر على العز بن عبد السلام ﵀ دعوته إلى الجهاد في سبيل الله، وأنكر عليه دعوته لقتال الصليبيين والتتار، وسجنه أكثر من مرة لما اعترض عليه، ثم نفاه إلى القدس، وفي سلسلة طويلة جدًا من الأحداث استقدم الملك الصالح نجم الدين أيوب العز بن عبد السلام ﵀ إلى مصر، وعاش فيها من سنة (٦٤٣هـ) إلى هذه الأحداث، ونحن الآن في سنة (٦٥٨)، يعني: أن العز بن عبد السلام ﵀ قدم إلى مصر قبل هذه الأحداث بخمس عشرة سنة، قضاها في تعليم شعب مصر وتربيته على كل الأمور الفضلى، التي كان يقوم بها ﵀ في حياته قبل ذلك في دمشق، وكان يمنع منها. فقيمة العلم والعلماء التي حفظت في مصر كانت هامة جدًا لتغيير واقع المسلمين بعد ذلك في مصر، وإن سقطت هذه القيمة فلا أمل في القيادة؛ لأن الذي يحفز الناس دائمًا باستمرار على الجهاد في سبيل الله هم العلماء، فإن ضاعت قيمة العلم والعلماء والدين فلا أمل في الأمة في هذا الزمن. والعز بن عبد السلام ﵀ له مواقف كثيرة وعظيمة جدًا مشهودة في مصر، ومنها قصة بيع أمراء المماليك، والوقت لا يتسع في هذه المحاضرة لهذه التفصيلات، وسنفرد لها حديثًا خاصًا بإذن الله عند الحديث عن مجموعة دولة المماليك.

5 / 20