وأما ما ذكره الرفاعي عن ابن حجر المكي أنه خرّج بدعة المولد على صيام يوم عاشوراء.
فجوابه من وجوه أحدها: أن يقال ما زعمه الرفاعي من أن الذي خرج بدعة المولد على صيام يوم عاشوراء هو ابن حجر المكي فهو غلط ظاهر، وإنما هو ابن حجر العسقلاني صاحب "فتح الباري"، وقد نقل ذلك عنه السيوطي في رسالته التي سماها "حسن المقصد، في عمل المولد" وهي الرسالة الرابعة والعشرون مما في كتاب "الحاوي للفتاوي" وقد توفي السيوطي في سنة إحدى عشرة وتسع مائة من الهجرة، وذلك بعدما ولد ابن حجر الهيتمي المكي بسنتين؛ لأنه قد ولد في سنة تسع وتسع مائة من الهجرة، وهذا الذي في سن الفطام حين توفي السيوطي، لا يقول عاقل إن السيوطي قد نقل عنه، والظاهر أن الرفاعي نقل تخريج ابن حجر من رسالة السيوطي، وتوهم أنه أراد به ابن حجر الهيتمي المكي.
الوجه الثاني أن يقال: إن ابن حجر العسقلاني قد صرح في أول كلامه الذي نقله السيوطي عنه أن أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، وهذه الجملة من كلام ابن حجر كافية في ذم المولد إذ لو كان خيرًا لسبق إليه الصحابة والتابعون وأئمة العلم والهدى من بعدهم. ثم قال ابن حجر: ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة، وإلا فلا، قال: وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي ﷺ قدم لمدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون، ونجى موسى فنحن