اكتمال إبلاغ الدين
ولم يكن بقي من دعائم الإسلام وقواعده شيء إلا وقد بينه ﵊، فلما بيّن لهم شريعة الحج ووضحه وشرحه أنزل الله ﷿ عليه وهو واقف بعرفة: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا).
وقد قال خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله ﷺ: " مَا تَرَكْتُ شَيْئًا يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُبَاعِدُكُمْ عَنِ النَّارِ، إِلَّا وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، ومَا تَرَكْتُ شَيْئًا يُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ، وَيُبَاعِدُكُمْ عَنِ الْجَنَّةِ، إِلَّا وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي".
وقال عمرو بن أخطب ﵁: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ الْفَجْرَ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا".
وقال حذيفة بن اليمان ﵁: "خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ خُطْبَةً مَا تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا ذَكَرَهُ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ، فَمَا مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا قَدْ سَأَلْتُهُ عَنْهُ، إِلَّا أَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ: مَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ قَدْ نَسِيتُهُ، فَأَرَاهُ، فَأَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ".
حتى قَالَ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ لسَلْمَانَ ﵁ وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ ﷺ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ. فَقَالَ: أَجَلْ "لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ".
وقال أبو ذر ﵁: تَرَكَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي الْهَوَاءِ، إِلَّا ذَكَرَ لَنَا مِنْهُ عِلْمًا. وقال ﵊ لأصحابه: "وَدِدْتُ أَنِّي لَقِيتُ إِخْوَانِي"، فَقَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ: أَوَلَيْسَ نَحْنُ إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: "أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَلَكِنْ إِخْوَانِي الَّذِينَ آمَنُوا بِي وَلَمْ يَرَوْنِي".
1 / 367