تثبيت تلك الروايات الكاذبة التي تتنافى مع العقل والمنطق والتي نسبت إلى الإمام كي يُسَدّ باب النقاش في محتواها على العقلاء والأذكياء ويرغم الناس على قبولها لأنها صدرت من معصوم لا يخطئ، ولكن العصمة في حقيقة حالها إنما هي تنقيص من حق الإمام لا مدح فيه لأن تفسير العصمة بالمفهوم الشيعي تعني أن الأئمة منذ ولادتهم وحتى وفاتهم لم يرتكبوا معصية بإرادة الله وهذا يعني فقدانهم الإرادة في تفضيل الخير على الشر، ولست أدري أية فضيلة تكتب للمرء عند الله إذا لم يستطع القيام بعمل الشر بسبب إرادة خارجة عن ذاته، نعم إذا كانت العصمة تعني أن الأئمة مع القدرة على الإتيان بالمعاصي لن يأتوا بها لعلو في نفوسهم وملكة قوية في أخلاقهم وحاجز يحجزهم عن معصية الله فهذا كلام معقول يتلاءم مع المنطق والعقل ولكن في هذه الحالة لا نستطيع القول: إن هذه النفسية تخص أشخاصًا معدودين وأنها خاصة لأئمتنا فقط بل إناه صفة يستطيع كل إنسان أن يتصف بها إذا التزم حدود الله وأطاع أوامره وانتهى عن نواهيه وحسبنا كتاب الله الذي أعطى لنا مثلًا رائعًا وصورة بليغة
لهذه العناية الإلهية في سورة يوسف؟وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إن هلا يفلح الظالمون ولقد همت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء من عبادنا المخلصين (١)؟ والعلم اللدني (٢) من هذا النوع أيضًا فما هي الفضيلة في اقتباس العلوم بلا جهد ومثابرة وسعي؟ وأدهى من ذلك أن بعض علمائنا ذهبوا إلى أبعد من ذلك وقالوا: إن الإمام يعلم كل شيء وله معرفة بكل العلوم والفنون ولست أدري أيضًا ما هي الفضيلة بالنسبة إليه أن يكون مهندسًا أو ميكانيكيًا أو عالمًا باللغة اليابانية إنما الفضيلة بالنسبة للإمام أن يكون فقيهًا ورعًا وعالمًا ربانيًا في شؤون الدين وفي هذا كل الفضل ثم إذا كان القرآن الكريم يقول في رسوله الذي أرسله للناس ضياءً ونورًا؟
_________
(١) - يوسف ٢٢ - ٢٣
(٢) - يقصد بالعلم اللدني: العلم الذي يحصل للمرء بالإلهام وبدون جهد ومثابرة.
1 / 82