الشيعة وأهل البيت
الشيعة وأهل البيت
প্রকাশক
إدارة ترجمان السنة
প্রকাশনার স্থান
لاهور - باكستان
জনগুলি
الشيعة وأهل البيت
تأليف الأستاذ / إحسان إلهي ظهير
رئيس تحرير مجلة ترجمان الحديث لاهور باكستان
অজানা পৃষ্ঠা
مقدمة
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على نبيه محمد المصطفى، الذي تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يضل سالكها، ولا يهتدي تاركها، وعلى آله وأصحابه نجوم الهدى، وزين الورى، ومن أحبهم إلى يوم الفناء وزوال الأرض والسماء.
وبعد فإنني ألفت قبل السنوات التسعة كتابًا حول عقائد الشيعة ردًا على من أراد التمويه والتزوير لأهل السنة في بلادهم ومدنهم باسم التقريب، أي تقريب السنة إلى الشيعة والتشجيع، مستعملًا فيه التقية اللازمة لمذهبهم، والأكاذيب التي هي أكبر وسيلة للقوم.
فحمدًا لله أفاد الكتاب الأقارب والأباعد، الأحباء والأغيار بصورة لم أكن أتصوره آنذاك، وصار مرجعًا للمخلصين الأوفياء لأصحاب محمد ﷺ، ومثلجًا صدور المؤمنين، المتبعين أسلاف هذه الأمة وأكابرها الذين حملوا راية الله إلى الآفاق، وكسروا شوكة أعداء الله، جبابرة الأمم وطغاتها، وفرح به الأصاغر والأكابر.
وعرف الجميع حقيقة القوم التي طالما خفيت على كثير من الناس الذين خدعوا بالأباطيل والنعرات والهتافات بحب آل البيت، واتباعهم، وموالاتهم.
وعرفوا أن القوم يدينون بدين هو غير دين الله الذي جاء به محمد بن عبد الله، نبي الله وصفيه صلوات الله وسلامه عليه، ويؤمنون بالقرآن غير القرآن الموجود في أيدي الناس، والمنزل من الله على قلب المصطفى، نزل به الروح الأمين
1 / 3
ﷺ، ولهم عقائد ومعتقدات لا تمت إلى الإسلام بصلة والإسلام منها بريء.
كما علموا بغض القوم وحقدهم على أصحاب الرسول ﷺ وشتائمهم وسبابهم إياهم، ولعله أول مرة بذكر المصادر الموثوقة، والكتب المعتمدة لدى القوم، وبعباراتهم أنفسهم مع ذكر الصفحة والمجلد والطبعة.
وعرفوا كذلك التقية الشيعية ومعتقدهم في الأئمة، وجعلهم فوق الأنبياء والرسل، بل وقريبًا من الإله الواحد، الفرد، الصمد.
وذمهم من قبل أئمتهم وأهل البيت إياهم، عرفوا كل ذلك، وأدركوا خطرهم ومكرهم وما يكتمون وراء دعوتهم أهل السنة إلى التقريب والتقارب.
وأحدث الكتاب ضجة كبرى في الأوساط الشيعية لافتضاح أمرهم واكتشاف سرهم حتى صرخ أحد مؤلفيهم الذي عبثا حاول الرد على الكتاب بقوله: خذ صفحة من كتاب "الشيعة والسنة" واقرأه وانظر ما فيه، ستجد كلامي حقًا لا شبهة فيه وستجد أن هذا الرجل يحاول أن يثير الرأي العام على الشيعة - إلى أن قال - وفقت في هذا العام لأداء العمرة المفردة فوجدت أن كلمات هذا الرجل تتردد على أفواه بعض المنسبين للعلم أكثر من السنين السابقة فهم يرددون تلك الكلمات كما تردد الببغاء كلماتها المحفوظة، فعلمت أن هذا من تأثير ذلك (١).
كما كتب لي أحد أئمة الشيعة من الكاظمية من العراق وهو يلومني "وفي إحدى الجمعات وجدت أحد الأصدقاء والأحباء المخلصين لي من بغداد وهو قد استمع إلى خطبتي حسب العادة ولكنه انصرف قبل إقامة الصلاة، ولما سألته بعد ذلك عن سبب انصرافه قبل الصلاة؟ قال: لأني لا أجيزها خلفك، فازداد
_________
(١) "كتاب الشيعة والسنة في الميزان" ص٢٥، ٢٦ لصاحب ألقاب س-خ وقد يأتي ذكر هذا الكتاب في الصفحات الآتية
1 / 4
استغرابي فقلت: وما الذي حدث؟ قال: إني قرأت "الشيعة والسنة" لأحد علماء باكستان وقرأت فيه ما جعلني أعتقد فيكم ما لم أكن أعتقده قبل ذلك، ولكني لشغفي بكم وبحبي لخطابكم جئت لأستمع الخطبة وأما الصلاة فلا (١).
فكتبت ردًا عليه، في يومه وها أنا ذا أجيب، السيد، س-خ إن كان ما كتبه غلطًا وكذبًا فبينوا وتؤجروا، وإن كان صحيحًا فارجعوا إلى الحق واتركوا ما ترون في إظهاره فضيحة وعارًا لكم في الدنيا، وسيكون في الآخرة أشد".
وعند الله في ذاك الجزاء
وسنة ٨٠ الميلادية لقيني في الحج بمكة المكرمة بعض العلماء الكبار من الشيعة وتكلموا حول كتابي وقالوا: لا ينبغي كتابة مثل هذا الكتاب في مثل هذه الظروف والآونة فقلت لهم: نعم، ولكم حق، ولكن هل لكم أن تخبروني أن في الكتاب غير ما هو موجود في كتبكم أنتم؟
فقالوا: نعم، كل مافيه من كتبنا نحن ولكن لا ينبغي إثارة المسائل كهذه، فقلت: ماذا تريدون؟
قالوا: وهم يطيرون فرحًا وسرورًا من استماعي وإصغائيلهم: صادر هذا الكتاب وأحرقه ولا تطبعه ثانية.
قلت: موافق، ولكن بشرط؟
أجابوا وهم لا يصدقون قولي من شدة الفرح: بشروط ومقبولة قبل أن تذكرها. فقلت: ولابد من الذكر، وشرط واحد؟
هات وما هو؟
قلت: أن تصادروا جميع تلك الكتب التي نقلت عنها هذه الخرافات والخزعبلات. وإحراقها حتى لا يبقى بعد ذلك خلاف قطعًا وأبدًا، ولا ينقل
_________
(١) خطاب الشيخ .. خطيب الجمعة في الكاظمية، بغداد
1 / 5
عنها أحد غيري وبعدي، نستأصل الجذر حتى لا تطلع منها شجرة.
فرجعوا إلى أنفسهم وقالوا: إنك تعرف أن هذه الأشياء كانت مبعثرة، منتشرة في أوراق الكتب وصفحاتها، ولم يكن في متناول كل أحد، ولكنك ألفت وجمعتها كلها في كتاب، وأردت أن تفرق بها كلمة المسلمين؟
نعم! جمعت وألفت وجعلت هذه العقائد في متناول الجميع بعد أن كانت معروفة لدى قوم واحد، والآخرون كانوا في غفلة منها وعدم العلم، ألفت حتى يكون كلا الطرفين على بينة ومعرفة لا يخدع واحد دون أحد حتى يكون التقارب، التقارب الحقيقي، ومن جانبين، لا من جانب واحد كما قال الفضل بن عباس:-
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم ... وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنا لا نحبكم ... ولا نلومكم إن لا تحبونا
وأما أن يكون بأن نكرمكم ونكرم أكابركم وأعيانكم وأنتم تبغضوننا وتبغضون أسلاف هذه الأمة ومحسنيها، وباني مجدها، ورافعي شمخها، ومعلني كلمتها، الفاتحين الغزاة، المجاهدين الكماة.
ونصدق لكم في القول ونظهر ما في قلوبنا ونفوسنا وتستعملون التقية وتبطنون خلاف ما تعلنون فلا يكون ولن يكون.
نعم! إن وجد في كتابي ما لا يوجد في كتبكم، ونسبت إليكم شيئا لم يكن فيكم فأنا مدبن، وهل فيكم وفي غيركم أحد يستطيع أن يثبت شيئا من هذا؟
فالحمد لله الذي لا أحمد أحدًا سواه، ولا أستطيع أن أحمده كما يليق بشأنه وعظمته، لم يستطيع أحد لا في العرب ولا في العجم بأن يجترئ ويقدم على ذلك مع كثرة ما كتب ردًا على.
وحتى السيد - س-خ عندما عجز عن ذلك اصطنع رسائل واخترع خطابات لم تحملها البريد أبدًا ومن الفتيات في الإمارات العربية (١).
_________
(١) انظر لذلك "كتاب الشيعة والسنة في الميزان" ص١٤٥، ١٤٦
1 / 6
والفتيات التي قال فيه عنهن الشاعر قديمًا:-
كتب القتل والقتال علينا ... وعلى الغانيات جر الذيول
ومن الغرائب أن الرسائل أرسلت إلى حسب قوله بباكستان ولكنها وصلت إليه في لبنان.
لهم قلوب لا يفقهون بها
ولا يسعني إلا أن أقول له: عبثًا يا سيد، س-خ! كفلت نفسك بالرد أنت - وغيرك مثلك - (١).
دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
وعلى كل فإن الكتاب ومع صغر حجمه كان كثير الفائدة والنتائج، وكان الإقبال عليه مدهشًا حتى طبع منه خلال هذه السنوات القليلة أكثر من مائة ألف نسخة طباعة شرعية أعنى ما طبع منه بإذن مني، وأما الغير الشرعية فالله يعلم (٢)، هذا باللغة العربية، أما باللغات الأخرى الفارسية وغيرها فغير محسوب.
أما هذا الكتاب، فكتاب مستقل عن ذلك، وأقصد من كتابته أولًا هو تعريف الشيعة، وتبيت حقائقها، وإظهار خفاياها، وإلقاء الأضواء عليها، وعلى المسائل التي اخترعوها، والعقائد التي ابتكروها وأوجدوها - للشيعة أنفسهم -.
لأننا أدركنا القوم أنفسهم وخاصة العوام منهم لا يعرفون مذهبهم الحقيقي، ومعتقداتهم الأصلية (٣). فهم في جهل كامل، وغفلة عميقة عن حقيقة مذهبهم
_________
(١) والكتب الأخرى التي ردت بها عليّ لا تختلف عن هذا الكتاب
(٢) مثلما طبع في بعض البلاد العربية
(٣) نعم! الأصلية وأما العقائد التي يبديها ويظهرها بعض منهم أمام السنة من إنكار التحريف وغيره فليس الغرض منها إلا خداع السنة عملًا بالتقية
1 / 7
الذي اعتنقوه وراثة، أو مخدوعين باسم حب أهل البيت النبي والولاء لهم، وهم لا يعرفون حتى وأهل البيت، لأن القوم ما أرادوا من أهل البيت أهل بيت النبي، بل يقصدون من وراء هذه الكلمة أهل البيت علي لا نبي، وحتى علي لا يعدون جميع أولاده من أهل البيت مع من فيهم بناته اللاتي أنجبتهم فاطمة ﵂ بنت النبي ﷺ، بل يقصدون من ذلك أشخاصًا معدودين يعدون على أنامل يد واحدة كما سيرى القارئ في الكتاب.
فأولًا وأصلًا كتبنا هذا الكتاب لأولئك المخدوعين، المغترين، الغير العارفين حقيقة القوم وأصل معتقداتهم كي يدركوا الحق ويرجعوا إلى الصواب إن وفقهم الله لذلك، ويعرفوا أن أهل البيت - نعم - وحتى أهل بيت علي ﵃ أجمعين لا يوافقون القوم ولا يقولون بمقالتهم، بل هم على طرف والقوم على طرف آخر، وكل ذلك من كتب القوم وبعباراتهم هم أنفسهم، وهذا مع ادعائهم اتباعهم وإطاعتهم وولائهم وموالاتهم.
كما يكون الكتاب حجة قاطعة وبرهانًا ساطعًا في أيدي السنة، مطيعي كتاب الله وسنة رسوله ﵊، ومحبي الصحابة، ومتبعي السلف الصالح لهذه الأمة، والسالكين مسلكهم، والمقتفين آثارهم، والمتبعين منهجهم.
طبقًا لقول الله ﷿: والذين اتبعوهم بإحسان.
ومصداقًا لقوله جل وعلا: ﴿رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا ذلك الفوز العظيم﴾ (١).
ومن الطرائف أن القوم لشدة بغضهم أصحاب رسول الله العظيم صلوات الله وسلامه عليه، ورضوان الله عليهم أجمعين، نبذوا وحتى تعليمات أئمتهم الذين يزعمونهم معصومين، لا يصدر عنهم الخطأ والزلل، والثابتة في كبهم أنفسهم، لا في كتب مخالفيهم ومعانديهم.
_________
(١) سورة التوبة الآية١٠٠
1 / 8
كما نسوا تلك الروابط والعلائق كانت تربطهم مع الآخرين من الصديق، والفاروق، وذي النورين، ومعاوية خال المؤمنين، وغيرهم من أجلة صحبة الرسول ﷺ، ورفاقه، ووزرائه، ومستشاريه، وتلامذته، ومريديه ﵃ أجمعين والمذكورة المحفوظة في كتبهم أيضًا.
والقارئ يرى العجائب الناطقة إن شاء الله في هذا الموضوع الذي لعله يكون فريدًا في نوعه بهذه السعة والثبوت بتوفيق الله إياي، ومنّه. وكرمه، ويندهش بعد ما يرى دلائل الصدق تبدد غيوم الضغائن القديمة والأحقاد المتوارثة والجهل السائد الموروث من جيل إلى جيل باسم أهل البيت وعلى حسابهم، أهل البيت الذين كانوا هم أخلص المخلصين لرفاق رسول الله ﷺ، وأصحابه، والمتوادين، المتعاطفين، المتراحمين، المتحابين ما بينهم، المتزوجين منهم والمزوجين لهم.
ويرى القارئ أيضا كيف أخرجنا وأثبتنا كل هذا ووضعنا النقاط على الحروف من خلال كتبهم الكثيرة الكثيرة المعتمدة، ومن بين خفاياها وزواياها التي طالما غطوها، وغلفوها بغلافات كثيفة، كثيرة، وستروها وأخفوها عن العامة خوفًا من الفضيحة، وشكرًا لله لم نحتج ولا إلى كتاب واحد لإثبات الحق وإبطال الباطل، وكشف النقاب عن وجه الحقيقة، وإماطة اللثام عن جبين الصدق، إلى كتاب واحد ولا إلى رواية واحدة ولو تاريخية غير روايات القوم وكتبهم، ولم يكن هذا إلا بمنّ الله علينا، حتى يكون أقطع للحجة وأثبت، وألزم للقوم وأفهم ولا يبقى أمامهم مجال للهرب، ولا للفرار، ولا لتأويل، ولا لتزوير.
فكُتُب القوم تشهد عليه، ورواياتهم تنطق ضدهم "ويوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون" وأئمتهم يشهدون عليهم بأنهم خالفوهم في حياتهم، ويخالفونهم بعد وفاتهم، وهم أثبتوا بأنهم فعلا خالفوهم ولا زالوا يخالفونهم، يعملون ضد ما أمروا، ويتفوهون بما لم يؤمروا، ويعاندون من والوهم، ويسبون من صاهروهم ويشتمون من استشاروهم واستوزروهم،
1 / 9
ثم لم يقتصروا على ذلك فحسب، بل تجاوزوا إلى إهانة أهل البيت أنفسهم، والطعن والنقد والجرح فيهم، واستصغارهم واحتقارهم، ووصلوا إلى حد الإساءة والسباب والشتيمة في حقهم كما تجرؤا على أنبياء الله ورسله، وتطاولوا على خير الخلق وسيد البشر صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين.
كذبوا عليهم، ونسبوا إليهم مسائل يمجها العقل، ويزدريها الفكر، وتأباها الفطرة السليمة، وينكرها الذوق، وكل هذا من كتبهم الموثوقة. المعتبرة، المعتمدة لديهم، والتي طبعوها أنفسهم أيضًا بثبت المصادر والمراجع، وبذكر الصفحات، والمجلدات، والطبعات بالأرقام والحروف.
ولا نظن أن يجترئ أحد منهم على أن يكذب ما ذكرناه، أو ينكر ما أثبتناه إن شاء الله.
ونعتقد أن الله ينفع بهذا الكتاب أناسًا كما نفع بسابقه وأن يهدي به من أراد هدايته.
وبذلك نرى أننا وفينا الوعد الذي وعدنا به في كتابنا الأول بأن نتبعه بكتاب آخر، وهاهو ذا الكتاب نقدمه اليوم بين أيدي القراء راجين منهم أن يخبرونا بآرائهم حوله، وهل يحتاجون بعد هذا إلى مختصر آخر حتى نعده لهم، ونقدمه إليهم؟ لأننا أثناء تصفحنا كتب القوم وجدنا أشياء كثيرة كانت غامضة وخافية وحتى علينا نحن، ولعل الله يهيئ الأسباب لإخراجها من دفائن الكتب وطياتها، وإبرازها للناس، وما ذلك على الله بعزيز.
وأخيرًا لا يسعني إلا وأن أذكرههنا أم المشائخ والاخوة الكثيرين لهم يد كبير في تأليف هذا الكتاب وإبرازه للناس حيث ألحوا على بمواصلة الكتابة حول هذا الموضوع الذي ازداد احتياج الناس اليه في الآونة الأخيرة لعدم معرفتهم المعرفة الحقيقية معتقدات القوم الأصلية ومواقفهم تجاه سلف هذه الأمة ومحسنيها وكثرة اشتغال الكتاب والمؤلفين من الشيعة بالكتابة ضد السنة وأسلافهم.
1 / 10
الباب الأول
الشيعة وأهل البيت
يزعم الشيعة أنهم موالون لأهل بيت النبي ﷺ، ومحبون لهم، ومذهبهم مستقاة من أقوالهم وأفعالهم، ومبني على آرائهم ومروياتهم.
وقبل أن نبحث عن هذا، ونتحقق، ونعلم صدق هذا القول وكذبه أردنا في هذا الباب أن نعرف ونعرّف القارئ والباحث من هم أهل البيت؟ ومن هم الذين يقصدون بهذه اللفظة؟ وأيضًا وما معنى الشيعة، ومن يرادون بها؟
فأهل البيت مركب من الأهل والبيت، فقد قال صاحب القاموس «أهل الأمر ولاته، وللبيت سكانه، وللمذهب من يدين به، وللرجل زوجة كأهلته، وللنبي أزواجه وبناته، وصهره علي ﵁ (١)، أو نسائه، وللرجال الذين هم آله ولكل نبي أمته» (٢).
وقال الزبيدي: والأهل للمذهب من يدين به ويعتقده، والأهل للرجل زوجته، ويدخل فيه أولاده، وبه فسر قوله تعالى: ﴿وسار بأهله﴾ أي زوجته وأهله،
_________
(١) ولا أدري من أين جاء هذا التخليص لعلي ﵁ دون أصهاره الآخرين من عثمان زوج ابنتي النبي ﷺ ذي النورين، وأبي العاص بن الربيع والد أمامة وزوج زينب، فإن قبل لكونه ابن عم النبي ﷺ فهل كان وحيدًا أما كان له الأخوة جعفر وعقيل؟ ثم ولم أخرج عم النبي ﷺ الذي جعله صنو أبيه ألا وهو عباس بن عبد المطلب، وأبنائه، وأولاده، فهل من مجيب
(٢) "القاموس" ص٤٣٢ ج٣ فصل الهمزة والباب باب اللام ط البابي الحلبي مصر ١٩٥٢م
1 / 13
والأهل للنبي ﷺ أزواجه وبناته وصهره علي ﵁، أو نسائه، وقيل أهله الرجال الذين هم آله ويدخل الأحفاد والذريات، ومنه قوله تعالى: ﴿وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها﴾. وقوله تعالى: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت﴾ وقوله تعالى: ﴿ورحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد﴾ وإن أهل كل نبي أمته وأهل ملته ومنه قوله تعالى: ﴿وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة﴾. وقال الراغب وتبعه المناوي: أهل الرجل من يجمعه نسب أو دين أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وبلد، فأهل الرجل من يجمعه وإياهم مسكن واحد، ثم تجوز به فقيل: أهل بيته من يجمعه وإياهم نسب أو ما ذكر، وتعورف في أسرة النبي ﷺ مطلقًا - إلى أن قال -: آل الله ورسوله أولياءه وأنصاره، ومنه قول عبد المطلب في جد النبي ﷺ في قصة الفيل:
وانصر على آل الصليب ... وعابديه اليوم آلك (١).
وقال ابن المنظور الأفريقي: أهل المذهب من يدين به، وأهل الأمر ولاته، وأهل الرجل أخص الناس به، وأهل بيت النبي ﷺ أزواجه وبناته وصهره، أعني عليا ﵇، وقيل نساء النبي ﷺ. . .، وأهل كل نبي أمته، إلى أن قال: وأهل الرجل وأهلته زوجه، وأهل الرجل يأهل أهلا وأهولا وأهل تزوج، وأهل فلان امرأة يأهل إذا تزوجها فهي مأهولة، والتأهل التزوج، وفي باب الدعاء: آهلك الله في الجنة إيهالا أي زوجك فيها، وأدخلكها، وفي الحديث "أن النبي ﷺ أعطى الآهل حظين والعزب حظًا"، والآهل الذي له زوجة والعزب الذي لا زوجة له .. وآل الرجل أهله، وآل الله ورسوله أولياءه أصلها أهل، ثم أبدلت الهاء همزة، فصار في التقدير أأل، فلما توالت الهمزتان أبدلت الثانية ألفًا (٢).
_________
(١) "تاج العروس" للزبيدي
(٢) "لسان العرب" لابن المنظور الأفريقي ص٢٨، ٢٩، ٣٠ ج١١ دار صادر بيروت
1 / 14
وقال الجوهري: أهل فلان أي تزوج .. قال أبو زيد: آهلك الله في الجنة أي أدخلها وزوجك فيها" (١).
وقال الزمخرشي في الأساس: تأهل تزوج وآهلك الله في الجنة إيهالًا زوجك (٢).
وقال الخليل: أهل الرجل زوجه، والتأهل التزوج وأهل الرجل أخص الناس به وأهل البيت سكانه وأهل الإسلام من يدين به (٣).
وقد قال الإمام الراغب الأصفهاني: أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أو دين أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وبلد، فأهل الرجل في الأصل من يجمعه وإياهم مسكن واحد ثم تجوز به فقيل أهل بيت الرجل لمن يجمعه وإياهم النسب، وتعورف في أسرة النبي ﷺ مطلقًا إذا قيل: أهل البيت لقوله ﷿: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت﴾، وعبّر أهل الرجل بامرأته وأهل الإسلام الذين يجمعهم - إلى أن قال - وتأهل إذا تزوج، ومنه قيل آهلك الله في الجنة أي زوجك فيها (٤).
وقال تحت لفظة آل: الآل مقلوب من الأهل - إلى أن قال - ويستعمل في من يختص بالإنسان اختصاصًا ذاتيًا، إما بقرابة قريبة أو موالاة قال ﷿: وآل إبراهيم وآل عمران، وقال: ﴿أدخلوا آل فرعون أشد العذاب﴾ قيل: وآل النبي ﷺ أقاربه، وقيل: المختصون به من حيث العلم، وذلك أن أهل الدين ضربان، ضرب مختص بالعلم المتقن، والعمل المحكم، فيقال لهم: آل النبي وأمته، وضرب يختصون بالعلم على سبيل التقليد، ويقال لهم: أمة محمد، ولا يقال لهم آله فكل آل للنبي أمة له، وليست كل أمة آل له، وقيل
_________
(١) "الصحاح للجوهري" ج٤ ص١٦٢٩ ط دار الكتاب العربي بمصر
(٢) "أساس البلاغة" ص١١ ط مصر ١٩٥٣م
(٣) "مقاييس اللغة" لأبي الحسين أحمد بن فارس زكريا ج١ ص١٥٠ ط بيروت
(٤) "المفردات في غرائب القرآن ص٢٨ ط كراتشي - باكستان
1 / 15
لجعفر الصادق ﵁: الناس يقولون: المسلمون كلهم آل النبي ﵊؟ قال: كذبوا وصدقوا فيقل له: ما معنى ذلك؟ فقال: كذبوا أن الأمة كافتهم آله، وصدقوا في أنهم إذا قاموا بشرائط شريعته آله (١).
وقال محمد جواد مغنية الشيعي المعاصر: أهل البيت في اللغة سكانه، وآل الرجل أهله، ولا يستعمل لفظ "آل" إلا في أهل رجل له مكانة، وقد جاء ذكر أهل البيت في آيتين من القرآن، الأولى الآية ٧٣ من سورة "هود": ﴿رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت﴾، والثانية الآية ٣٣ من سورة "الأحزاب": ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا﴾ واتفق المفسرون أن المراد بالآية الأولى أهل البيت إبراهيم الخليل، وبالآية الثانية أهل بيت محمد بن عبد الله، وتبعًا للقرآن استعمل المسلمون لفظ أهل البيت وآل البيت في أهل بيت محمد خاصة، واشتهر هذا اللفظ حتى صار علمًا لهم، بحيث لا يفهم منه غيرهم إلا بالقرينة، كما اشتهر المدينة بيثرب مدينة الرسول.
اختلف المسلمون في عدد أزواج النبي، فمن قائل أنهن ثماني عشر امرأة، ومنهم من قال: إنهن إحدى عشرة، وعلى أي الأحوال فقد أقام مع النساء سبعًا وثلاثين سنة، رزق خلالها بنين وبنات، ما تواكلهم في حياته ولم يبق منهم سوى ابنته فاطمة، وقد اتفقت كلمة المسلمين على أن علي بن أبي طالب: وفاطمة، والحسن والحسين من آل البيت في الصميم (٢).
ويظهر من هذا كله أن أهل البيت يطلق أصلًا على الأزواج خاصة، ثم يستعمل في الأولاد والأقارب تجاوزًا، وهذا ما يثبت من القرآن الكريم كما وردت هذه اللفظة في ذكر قصة خليل الله ﵊ لما جاءت رسل الله إبراهيم بالبشرى، فقال الله ﷿ في سياق الكلام: ﴿وامرأته قائمة فضحكت
_________
(١) المفردات للراغب الأصفهاني ص٢٩، ٣٠
(٢) الشيعة في الميزان ص٤٤٧ ط دار الشروق بيروت
1 / 16
فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب * قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخًا إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت﴾ (١).
فاستعمل الله ﷿ هذه اللفظة بلسان ملائكته في زوجة إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه لا غير.
ولقد أقر بذلك علماء الشيعة ومفسروها كالطبرسي (٢) في مجمع البيان (٣) والكاشاني (٤) في منهج الصادقين (٥). ولو التجئوا بعد ذلك إلى تأويلات كاسدة فاسدة.
وهكذا قال الله ﷿ في كلامه المحكم في قصة موسى ﵊: ﴿فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارًا قال لأهله امكثوا إني آنست نارًا﴾ (٦).
فالمراد من الأهل زوجة موسى ﵊ كما أجمع عليه مفسروا الشيعة كلهم بأن المراد من الأهل همنا الزوجة لأنه لم يكن مع موسى غيرها، ولقد يقول الطبرسى مفسرًا أهل موسى، في سورة النمل أي في قوله تعالى: ﴿وإذ قال موسى لأهله﴾ أي امرأته وهي بنت شعيب (٧).
_________
(١) سورة هود الآية٧١، ٧٢، ٧٣
(٢) هو أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي من أكابر علماء الشيعة في القرن السادس، وتفسيره يقع في خمس مجلدات وعشرة أجزاء
(٣) ج٣ ص١٨٠ ط دار إحياء التراث العربي بيروت
(٤) هو الملا فتح الله الكاشاني من علماء الشيعة المتعصبين، ولم يصنف تصنيفه إلا ردًا بمنهج الصادقين في إلزام المخالفين
(٥) ج٤ ص٤٩٣ ط طهران
(٦) سورة القصص الآية ٣٠
(٧) تفسير مجمع البيان ج٤ ص٢١١ سورة النمل
1 / 17
وأيضًا تحت قوله تعالى: ﴿سار بأهله﴾ أي بامرأته (١).
وأيضًا القمي (٢) في تفسيره (٣).
والعروسي الحويزي (٤) في تفسيره نور الثقلين (٥).
والكاشاني في تفسيره منهج الصادقين (٦) وغيرهم.
وهكذا وردت لفظة أه البيت في القرآن المجيد في سورة الأحزاب أيضًا الآية ٣٣ ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت﴾ ولم ترد هذه اللفظة إلا في سياق قصة أزواج النبي ﷺ خاصة ﴿ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله * إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا * واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفًا خبيرًا﴾ (٧).
ويظهر بداهة ولأول وهلة لمن قرأ هذه الآيات الكريمة أن هذه اللفظة لم ترد إلا في أزواج النبي ﷺ خاصة، لأن صدر الآية وقبلها من الآيات لم يخاطب بها إلا أزواجه ﵊، وكذلك الآية التي تليها ليس فيها ذكر غيرهن.
وعلى ذلك قال ابن أبي حاتم وابن عساكر برواية لعكرمة وابن مردويه
_________
(١) ج٤ ص٢٥٠ سورة القصص
(٢) هو أبو الحسن علي بن إبراهيم القمي، إمام مفسري الشيعة وأقدمهم، من أعيان القوم في القرن الثالث من الهجرة
(٣) ج٢ ص١٣٩ ط نجف ١٣٨٦هـ
(٤) هو عبد الله علي بن جمعة، المتوفى ١١١٢هـمن الشيعة المتعصبين
(٥) ج٤ ص١٢٦ ط قم
(٦) ج٧ ص٩٥ سورة القصص
(٧) سورة الأحزاب الآية٣٣، ٣٤
1 / 18
برواية سعيد بن جبير عن ابن عباس أن هذه الآية لم تنزل إلا في أزواج النبي ﵊ (١).
وقد قال الشوكاني في تفسيره: قال ابن عباس وعكرمة وعطاء والكلبي ومقاتل وسعيد بن جبير: إن أهل البيت المذكورين في الآية هن زوجات النبي ﷺ خاصة، قالوا: والمراد من البيت بيت النبي ﷺ ومساكن زوجاته لقوله تعالى: ﴿واذكرن ما يتلى في بيوتكن﴾، وأيضًا السياق في الزوجات ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك﴾ إلى قوله: ﴿واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفًا خبيرًا﴾ (٢).
وأيضًا ورد في الحديث: أن النبي ﷺ دخل في حجرة عائشة ﵂، فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله، فقالت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته (٣).
وأيضًا المقصود من بيت النبي ﷺ بيته الذي يسكنه مع أزواجه ﷺ.
فالحاصل أن المراد من أهل بيت النبي أصلًا وحقيقة أزواجه ﵊، ويدخل في الأهل أولاده وأعمامه وأبناءهم أيضًا تجاوزًا، كما ورد أن الرسول ﷺ أدخل في كسائه فاطمة والحسنين وعليًا وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي: ليجعلهم شاملًا في قوله ﷿: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت: كما أدخل عمه العباس وأولاده في عبائه لتشملهم أيضًا هذه الآية.
ولقد وردت بعض الروايات التي تنص أن بني هاشم كلهم داخلون في أهل بيت النبي ﷺ.
_________
(١) انظر لذلك دائرة المعارف الإسلامية اردو مقال المستشرق A. S. THRITION ج٣ ص٥٧٦ ط لاهور باكستان
(٢) تفسير فتح القدير للشوكاني ج٤ ص٢٧٠ ط مصطفى البابي الحلبي مصر ١٣٤٩هـ
(٣) البخاري، كتاب التفسير
1 / 19
وأما الشيعة فأرادوا عكس ذلك، فحصروا أهل بيت النبوة في هؤلاء الأربعة، علي، وفاطمة، ثم الحسن، والحسين، وأخرجوا منهم كل من سواهم، ثم اخترعوا طريفة أخرى، فأخرجوا أولاد علي غير الحسنين ﵃ من أهل البيت ولا يعدون بقية أولاده من أهل البيت من محمد بن الحنفية، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، والعباس، وجعفر، وعبد الله، وعبيد الله، ويحيى، ولا أولادهم من الذكور الاثنى عشر، ولا من البنات ثماني عشر ابنة، أو تسع عشرة ابنة على اختلاف الروايات، كما أخرجوا فاطمة ﵂ ابنة رسول الله ﷺ حيث لا يعدون بناتها زينب وأم كلثوم ولا أولادهما من أهل البيت، وهذه نكتة وطريفة، ومثل هذا الحسن بن علي، حيث لا يجعلون أولاده داخلًا في أهل البيت وكذلك أخرجوا من أهل البيت كلًا من أولاد الحسين من لا يهوى هواهم، ولا يسلك مسلكهم، ولا ينهج منهجهم، وهذا أطرف من الأول.
ولذلك أفتوا على كثيرين من أولاد الحسين، الأولين منهم بالكذب والفجور والفسوق، وحتى الكفر والارتداد، كما شتموا وكفروا أبناء أعمام الرسول وعماته وأولادهم، وحتى أولاد أبي طالب غير علي ﵁.
والجدير بالذكر أنهم أخرجوا بنات النبي ﷺ الثلاثة غير فاطمة، وأزواجهن، وأولادهن من أهل البيت بدائيًا، ولا ندري أي تقسيم هذا، وأية قسمة هذه، وعلى أي أساس ابتنوها واختاروها؟.
ثم وفي التعبير الصحيح والصريح أن الشيعة لا يرون أهل البيت إلا نصف شخصية فاطمة، ونصف شخصية علي، ونصف شخصية الحسن وبقية الأئمة التسعة عندهم من الحسين إلى الحسن العسكري، والعاشر المولود الموهوم، المزعوم، الذي لم يولد قطعًا ولن يولد أبدًا.
فهذه هي حقيقة مفهوم أهل البيت عند القوم، ولو أردنا التوسع فيه لأطلنا الكلام ولكننا نقتصر على هذا بما فيه كفاية لفهم البحث والمسألة.
1 / 20
وأما الشيعة، فقد قال الزبيدى: كل قوم اجتمعوا على أمر فهم الشيعة، وكل من عاون إنسانًا وتحزب له فهو شيعة له، وأصله من المشايعة وهي المطاوعة والمتابعة (١).
وقال ابن المنظور الأفريقي: الشيعة، القوم الذين يجتمعون على أمر، وكل قوم اجتمعوا على أمر، فهم الشيعة، وقد غلب هذا الاسم على من يتولى عليًا وأهل بيته (٢).
وقال النوبختي (٣) إمام الشيعة في الفرق: الشيعة، وهم فرقة علي بن أبي طالب ﵇، المسمون بشيعة علي ﵇ في زمان النبي ﷺ وبعده معروفون بانقطاعهم إليه، والقول بإمامته، وافترقت الشيعة ثلاث فرق، فرقة منهم قالت: إن عليًا إمام مفترض الطاعة بعد رسول الله ﷺ وإن الإمامة جارية في عقبه. . . . وفرقة قالت: إن عليا كان أولى الناس برسول الله ﷺ. . . . وأجازوا بعد ذلك إمامة أبي بكر وعمر، وعدّوهما أهلا لذلك المكان والمقام، وذكروا أن عليا ﵇ سلّم لهم الأمر، ورضي بذلك، وبايعهما طائعا غير مكره (٤).
ويقول الشيعي المشهور السيد محسن أمين في كتابه نقلًا عن الأزهري:
والشيعة قوم يهوون هوى عترة النبي ﷺ، ويوالونهم (٥).
وينقل أيضًا عن تاج الدين الحسيني نقيب حلب ما نصه:-
شيعة الرجل أتباعه وأنصاره، ويقال: شايعه، كما يقال والاه من الولي
_________
(١) تاج العروس للزبيدي ج٥ ص٤٠٥
(٢) لسان العرب ج٨ ص١٨٨
(٣) هو أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي من علماء الشيعة الكبار، المعتمدين عندهم، عاش في القرن الثالث من الهجرة]
(٤) "فرق الشيعة" لأبي محمد الحسن بن موسى النوبختي ص٣٩ إلى ٤٢ ملخصًا ط مطبعة الحيدرية ١٩٥٩م
(٥) "أعيان الشيعة" ج١ ص١١ البحث الأول ط بيروت ١٩٦٠م
1 / 21
وهو شايع، وكأن الشيعة لما اتبعوا هؤلاء القوم، واعتقدوا فيهم ما اعتقدوا سموا بهذا الاسم لأنهم صاروا أعوانًا لهم وأنصارًا وأتباعًا فأما من قبل حين أفضت الخلافة من بني هاشم إلى بني أمية وتسلمها معاوية بن صخر من الحسن بن علي وتلقفها من بني أمية رجل فرجل - نفر كثير من المسلمين من المهاجرين والأنصار عن بني أمية ومالوا إلى بني هاشم وكان بنو علي وبنو العباس يومئذ في هذا شرع فلما انضموا إليهم واعتقدوا أنهم أحق بالخلافة من بني أمية وبذلوا لهم النصرة والموالاة والمشايعة سموا شيعة آل محمد ولم يكن إذ ذاك بين بني علي وبين بني العباس افتراق في رأي ولا مذهب فلما ملك بنو العباس وتسلمها سفاحهم من بني أمية نزع الشيطان بينهم وبين بني علي فبدا منهم في حق بني علي ما بدا، فنفر عنهم فرقة من الشيعة وأنكرت فعلهم ومالت إلى بني علي واعتقدت أنهم أحق بالأمر وأولى وأعدل فلزمهم هذا الاسم فصار المتشيع اليوم الذي يعتقد إمامة أئمة الإمامية من بني علي ﵇ إلى القائم المهدي محمد بن الحسن لا الموالي لبني علي والعباس كما كان من قبل أ. هـ (١).
ويقول شيعي معاصر آخر: الشيعة في معناها الأصلي اللغوي أتباع الرجل وأنصاره، وقد غلب هذا الاسم على من يتولى عليًا وأهل بيته (٢).
وقد أثبتنا فيما قبل أن الشيعة لا يوالون أهل بيت علي كلهم اللهم إلا الرجال المعدودين، وهم يخالفونهم أيضًا، وتعاليمهم الحقيقية كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
_________
(١) "أعيان الشيعة" ص١٣، ١٤ المنقول من كتاب غاية الاختصار في أخبار البيوتات العلمية المحفوظة من الغبار
(٢) "الشيعة في عقائدهم وأحكامهم" للسيد أمير محمد الكاظمي القزويني ص١٦ ط الكويت. ويظهر من هذا ومما مر أن الشيعة ليسوا أتباع آل بيت النبي ﷺ، بل هم موالون لأهل بيت علي دن نبي، والفرق واضح وجلي
1 / 22
وقد قال المغنية: الشيعة من أحب عليًا وتابعه أو من أحبه ووالاه (١).
وكتب محمد الحسين آل كاشف الغطاء "إن هذا الاسم (أي الشيعة) غلب على أتباع علي وولده (٢) ومن يواليهم حتى صار اسمًا خاصًا بهم" (٣).
فهؤلاء هم الشيعة وأولئك هم أهل البيت.
وقد بالغ القوم في موالاة علي وأولاده، وحبهم ومدحهم مبالغة جاوزوا الحدود، وأسسوا عليها ديانتهم ومذهبهم حتى صار مذهبًا مستقلًا ودينًا منفصلًا عن الدين الذي جاء به محمد الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه، واخترعوا روايات كاذبة، واختلقوا أحاديث موضوعة، وقالوا: أن لا دين إلا لموالى علي، وآله، ومحبيهم، إظهارًا شغوفهم بهم، ومودتهم فيهم، واحترامهم لهم ومتابعتهم إياهم، وتعلقهم بهم، ونسبتهم إليهم - كذبًا وزورًا - كما رووا حديثًا في كافيهم (٤).
عن بريد بن معاوية أنه قال: كنت عند أبي جعفر ﵇ في فسطاط بمنى، فنظر إلى زياد الأسود منقلع الرجل فرثى له فقال له: ما لرجليك هكذا؟ قال: جئت على بكر لي نضو، فكنت أمشى عنه عامة الطريق، فرثى له، وقال
_________
(١) "الشيعة في الميزان" ص١٧ و١٩
(٢) ويناقض هذا القول وما قبله ما نقله السيد محسن أمين عن الأزهري حيث يقول: الشيعة قوم يهوون هوى عترة النبي ﷺ ويوالونهم.
ومن الغرائب أن الأقوال متضاربة جدًا حول معنى الشيعة في كتب القوم أنفسهم ولم يصرح واحد من مؤلفيهم معنى التشيع واضحًا جليًا، ومعنى جامعًا مانعًا، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، ولو لم يبعدنا هذا عن موضوعنا لنقلنا فيه العجائب المتناقضة المتضاربة من القوم أنفسهم
(٣) "أصل الشيعة وأصولها" ط بيروت ١٩٦٠م
(٤) الكافي للكليني، يعد من أهم مصادر الأحاديث الشيعية وكتبها، كما أنه أحد الصحاح الأربعة عندهم، ومنزلته عند القوم كمنزلة الصحيح البخاري عند السنة
1 / 23