الجيل الموعود بالنصر والتمكين
الجيل الموعود بالنصر والتمكين
প্রকাশক
دار الأندلس الجديدة للنشر والتوزيع
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
প্রকাশনার স্থান
مصر
জনগুলি
- الزهاد الأوائل:
كان الصحابة أكثر الخلق عبودية لله ﷿ بعد الرسل، ومن ثَّم كانوا أكثر الخلق حرية من الدنيا، لقد كانت صفة الزهد في الدنيا من أبرز الصفات التي ميزتهم عما سواهم ... يقول عبد الله بن مسعود ﵁ لمن بعده من التابعين: أنتم أكثر صومًا وصلاة من أصحاب محمد وهم كانوا خيرًا منكم. فقالوا: وبمَ ذلك؟، قال: كانوا أزهد منكم في الدنيا، وأرغب في الآخرة (١).
لقد كانوا يخافون من بسط الدنيا، فهذا عمر بن الخطاب ﵁ أتته غنائم القادسية، فجعل يتصفحها وينظر إليها وهو يبكي ومعه عبد الرحمن بن عوف ﵁، فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين هذا يوم فرح وسرور، فقال: أجل، ولكن لم يؤت هذا قوم قط إلا أورثتهم العداوة والبغضاء (٢).
وهذا سعد بن أبي وقاص ﵁ يدخل على سلمان ﵁ يعوده، فبكى سلمان، فقال سعد: ما يبكيك؟ تلقى أصحابك، وترد على رسول الله ﷺ الحوض، وتُوفى رسول الله ﷺ وهو عنك راض! فقال: ما أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا، ولكن رسول الله ﷺ عهد إلينا فقال: (ليكن بُلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب) وهذه الأوساد حولي، وإنما حوله مِطْهرة أو إنجاتة (٣) ونحوها.
- مفهوم التهلكة:
لقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يدركون أن التهلكة ليست في الموت في سبيل الله بل في الركون إلى الدنيا.
عن أبي عمران ﵁ قال: حمل رجل من المهاجرين بالقسطنطينية على صف العدو حتى خرقه، ومعنا أبو أيوب الأنصاري ﵁، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة. فقال أبو أيوب: نحن أعلم بهذه الآية، إنما نزلت فينا. صحبنا رسول الله ﷺ وشهدنا معه المشاهد ونصرناه، فلما فشا الإسلام وكثر أهله، وكنا قد آثرناه على الأهلين والأموال والأولاد، وقد وضعت الحرب أوزارها، فنرجع إلى أهلينا وأولادنا فنقيم فيهما، فنزل فينا: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (البقرة:١٩٥)، فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد (٤).
- جيل الأحرار:
حاولت قريش مساومة صهيب الرومي ﵁ على عدم الهجرة إلى المدينة أو ترك ماله الذي جمعه نظير عمله عندهم فماذا فعل صهيب؟!
قال لهم: أرأيتم إن دفعت إليكم مالي تتخلون عني؟ قالوا: نعم، يقول صهيب: فدفعت إليهم مالي فخلوا عني فخرجت حتى قدمت المدينة فبلغ ذلك النبي ﷺ، فقال (ربح صهيب، ربح صهيب) مرتين، وفيه وفي أمثاله نزلت الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾ (البقرة:٢٠٧) (٥).
- الزهد في المال:
ومما يدل على أن طموح الصحابة كان في زيادة رصيدهم من نعيم الآخرة هو كثرة إنفاقهم للمال مع شدة حاجتهم إليه، فإن كنت في شك من هذا فتأمل معي هذا الخبر:
لما أتى عمر الشام، طاف بها ونزل بحمص، فأمر أن يكتبوا له فقراءهم، فرُفع إليه الكتاب، فإذا فيه سعيد بن عامر " أميرها ".
قال: من سعيد بن عامر؟ قالوا: أميرنا! قال: أميركم؟ قالوا: نعم، فعجب عمر فقال: كيف يكون أميركم فقيرًا؟ أين عطاؤه؟ وأين رزقه؟، قالوا: يا أمير المؤمنين، لا يمسك شيئًا، فبكى عمر، ثم عمد إلى ألف دينار، فصرَّها - أي وضعها في صُرَّة - ثم بعث إليه بها، وقال: أقرئه السلام وقل: بعث بها إليك أمير المؤمنين تستعين بها على حاجتك.
_________
(١) حياة الصحابة ٢/ ٩٦.
(٢) حياة الصحابة ٢/ ٩٧.
(٣) إناء تغسل فيه الثياب.
(٤) حياة الصحابة ١/ ٣٦٠.
(٥) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٢١٦.
1 / 26