الجيل الموعود بالنصر والتمكين
الجيل الموعود بالنصر والتمكين
প্রকাশক
دار الأندلس الجديدة للنشر والتوزيع
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
প্রকাশনার স্থান
مصر
জনগুলি
- ومنها: أنه يكثر من الاستغفار بعد أعماله الصالحة.
- ومنها: أنه يجاهد نفسه ولا يستسلم لخواطر العُجب، بل يعالجها ويسقيها الشراب المضاد الذي يعيد لها التوازن ويضعها في قالب العبودية.
- ومنها أنه لن يرى أنه مخلص، بل يسيء دومًا الظن بنفسه، ويتهمها بالنفاق و... و... وأشياء كثيرة تدل على الإخلاص التام لله ﷿ في التوجه والاستعانة.
- الجيل الأول والإخلاص:
الناظر والمدقق في سيرة الصحابة - رضوان الله عليهم - وهم الجيل الذي تحقق فيهم وعد الله بالاستخلاف والتمكين، يجد أن مظاهر صفة الإخلاص قد تجلت فيهم بوضوح.
انظر مثلًا إلى حرصهم على إخفاء أعمالهم والذي يتجلى في هذا الأثر:
عن أبي موسى الأشعري ﵁ قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في غزاة، ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه، قال: فنقبت أقدامنا، فنقبت قدماي، وسقطت أظافري، فكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق.
قال أبو بريدة: فحدث أبو موسى بهذا الحديث ثم كره ذلك، كأنه يكره أن يكون شيئًا من عمله أفشاه (١).
وهذا عمر بن الخطاب ﵁ يدخل المسجد فيرى معاذ بن جبل ﵁ يبكي عند قبر رسول الله ﷺ فقال: ما يبكيك؟ فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إن اليسير من الرياء شرك، وإن الله يحب الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يُعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، ينجون من كل غبراء مظلمة) (٢).
لقد كانوا شديدي الحذر من أنفسهم، وكانوا يقفون بالمرصاد أمام كل خواطر العُجب، يقول عروة: رأيت عمر بن الخطاب ﵁ وعلى عاتقه قربة ماء، فقلت: يا أمير المؤمنين لا ينبغي لك هذا، فقال: لما أتتني الوفود بالسمع والطاعة دخَلَت في نفسي نخوة، فأحببت أن أكسرها، ومضى بالقربة إلى حجرة امرأة من الأنصار فأفرغها في إنائها ...
وهذا أبو بكر الصديق ﵁ يبعث برسالة إلى خالد بن الوليد ﵁ بعد انتصاراته في العراق يقول له فيها: فليهنك أبا سليمان النية والحظوة فأتمم يتم الله لك، ولا يدخلنك عُجب فتخسر وتُخذل، وإياك أن تُدل بعمل فإن الله له المن وهو ولي الجزاء (٣).
وهذا أبو عبيدة بن الجراح ﵁ يؤم قومًا، فلما انصرف قال: مازال الشيطان بي آنفًا حتى رأيت أن لي فضلًا على من خلفي، لا أَؤم أبدًا (٤).
وكانوا يتدافعون المدح ولا يستسلمون له فهذا علي بن أبي طالب ﵁ يقول لما أُثني عليه: اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرًا مما يظنون.
وقال رجل يومًا لابن عمر ﵄: يا خير الناس، وابن خير الناس، فقال: ما أنا بخير الناس، ولا ابن خير الناس، ولكني عبد من عباد الله، أرجو الله وأخافه، والله لن تزالوا بالرجل حتى تُهلكوه.
أما خوفهم على أنفسهم من النفاق فإليك هذا الخبر:
قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي ﷺ كلهم يخاف النفاق على نفسه.
وكان عمر بن الخطاب ﵁ يقول لحذيفة ﵁: أُنشدك الله هل سمَّاني لك رسول الله ﷺ، يعني من المنافقين؟ فيقول: لا، ولا أُزكِّي بعدك أحدًا (٥).
_________
(١) رواه مسلم.
(٢) أخرجه الطبراني والحاكم واللفظ له، وقال صحيح الإسناد.
(٣) الأخفياء لوليد سعيد بالحكم / ١٢٩ - دار الأندلس الخضراء - جدة - نقلًا عن تاريخ الطبري ٣/ ٣٨٥.
(٤) الزهد لابن المبارك برقم (٨٣٤) ص ٢٨٧.
(٥) الداء والدواء لابن القيم / ٨٣ - دار ابن كثير - دمشق.
1 / 16