فقال له عمر: الحسنة بين سيئتين، ثم تلا قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ [الفرقان: ٦٧] (١) .
ولأبي حامد الغزالي (ت ٥٠٥ هـ) كلام نفيس في المقارنة بين البخل والجود، إذ يقول: " فالإمساك حيث يجب البذل بخل، والبذل حيث يجب الإمساك تبذير، وبينهما وسط، وهو المحمود، وينبغي أن يكون السخاء والجود عبارة عنه، إذ لم يؤمر رسول الله ﷺ إلا بالسخاء، وقد قيل له ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء: ٢٩] (٢) .
وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: ٦٧] (٣) .
فالجود وسط بين الإسراف والإقتار، وبين البسط والقبض وهو أن يقدر بذله وإمساكه بقدر الواجب " (٤) .
ومن نفيس الغزالي إلى ابن القيم حيث يفرق بين الاقتصاد والشح فيقول: " إن الاقتصاد خلق محمود يتولد من خلقين: عدل وحكمة، فبالعدل يعتدل في المنع والبذل، وبالحكمة يضع كل واحد منهما موضعه الذي يليق، فيتولد من بينهما الاقتصاد، وهو وسط بين طرفين مذمومين كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء: ٢٩] (٥) .
وقال: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: ٦٧] (٦) .
وقال:. . ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف: ٣١] (٧) وأما الشح فهو خلق ذميم يتولد من سوء الظن وضعف النفس، ويمده وعد الشيطان حتى يصير هلعا،