فقال: «ما يُعْجِبُنِي» (١). وقد انتقد بعضُ العلماء النحويين؛ لاستشهادهم بالشعر في تفسير القرآن وقالوا: «إذا فعلتم ذلك، جعلتم الشعرَ أصلًا للقرآن ... وكيف يَجوزُ أَن يُحتجَّ بالشعر على القرآن، وقد قال الله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤)﴾ [الشعراء: ٢٢٤] (٢)، وقال النبي ﷺ: «لأَنْ يَمتلئَ جوف أحدكم قيحًا حتى يريه، خير له من أن يمتلئَ شعرًا؟» (٣).
كما استغرب ابن حزم من صنيع اللغويين فقال: «ولا عَجَبَ أَعجبُ مِمَّن إن وجدَ لامرئ القيسِ، أو لزهير (٤)، أو لجرير (٥)، أو الحطيئة، أو الطرماح، أو للشماخ، أو لأعرابيٍّ أسديٍّ أو سُلَميٍّ، أو تَميميٍّ، أو من سائر أبناء العربِ بوالٍ على عقبيه لفظًا في شِعْرٍ أَو نَثرٍ جَعَلَهُ في اللغة، وقطعَ بهِ، ولم يعترض فيه، ثم إذا وجد لله - تعالى - خالقِ اللغاتِ وأَهلِها كلامًا، لم يلتفت إليه، ولا جعله حجةً، وجَعَلَ يصرفُهُ عن وجهه، ويُحرِّفه عن مواضعه، ويتحيل في إحالتهِ عمَّا أوقعهُ اللهُ عليهِ، وإذا وجد لرسول الله ﷺ كلامًا فعل به مثل ذلك.
وتالله لقد كان محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم قبل أن يكرمه الله تعالى بالنبوة وأيام كونه فتى بِمكةَ بلا شك عند كل ذي مُسْكةٍ من عَقْلٍ أعلم بلغة قومه وأفصح فيها وأولى بأن يكون ما نطق به من ذلك حجةً من كل خِنْدِفيٍّ وقيسيٍّ وربيعيٍّ وإياديٍّ وتيميٍّ وقُضاعيٍّ وحِميريٍّ،