المبحث الثالث: الشاهد الشعري المُحتجُّ بهِ في التفسير
كان لأهلِ العربيةِ سَبْقٌ وعنايةٌ بوضع المعايِيْرِ الدقيقةِ التي يُقبلُ الشاهدُ الشعري أو يُرفض بناءً عليها، وذلك للحدِّ من التوسعِ في قبَولِ ما لا يُطمأَنُّ إليهِ منها، ولم يَخرُج المفسرونَ في كتبهم عن تلك المَعايِيْر التي وضعها علماء اللغة؛ للعلاقة الوثيقة بين اللغة والتفسير، وأَهمُّ هذه المعايير هي:
أولًا - المعيار الزمني:
وُضِعَ حدٌّ زمنيٌّ لما يصح الاحتجاج به من أقوال العرب شعرًا أونثرًا، فاتُّفِقَ على جَعْلِ منتصف القرن الثاني للهجرة نِهايةً لعصر الاحتجاج بشعراء الحاضرة، وذكروا أَنَّ آخرَهمْ إبراهيمُ بنُ هَرْمَة (ت ١٧٦ هـ) (١)، وجَعْلِ منتصف القرن الرابع الهجري حدًا لشعراء البادية (٢).
وقد حاول العلماء بالشعر واللغة، تصنيف الشعراء الذين يُحتجُّ بِهم إلى طبقاتٍ، كما صَنَعَ علماءُ الحديثِ (٣)، وقد صنف في ذلك الأصمعي كتابه فحولة الشعراء، فقَسَّمَ الشعراء طَبَقتيْن: الفحول، وغير الفحول.