نظرة المستشرقين للسنة النبوية المطهرة (شبهات وردود)
نظرة المستشرقين للسنة النبوية المطهرة (شبهات وردود)
জনগুলি
شبهة العادة المقدسة والدحض الحتمي
من هذه الشُبَه المقذوفة بين طرفي المنازلة المنكَفئ، بين السنة النبوية المطهرة وبين اعدائها "شبهة العادة المقدسة"، وهي للمستشرق "جولد تسيهر" حيث زعم هذا المستشرق ان السنة النبوية هي جوهر العادات، وأنه تفكير الامة الإسلامية قديما، وتسمى بالعادة المقدسة والأمر الأول، كذلك فهو يصفها بأنها "العواطف القائمة مقام غيرها" كل هذا جاء في الكثير من الكتب والدراسات حول الاستشراق، ومنها كتاب "المستشرقون ومصادر التشريع الاسلامي" وكتاب "المستشرقون والسنة" الى غير هذه المؤلفات، والعرب هم من نقل السنة إلى الإسلام، فأوهم الإسلامُ -كما يقولون هم- الداخلينَ فيه أنَّها سنة جديدة من دون تراكمات سابقة وعادات بالية، ويدَّعون بان المسلمين اخذوا ينتهجون منهجا جديدا من الأقوال والأفعال ويضعونها في المحل الأول أو تلك التي صحت عن الصحابة ويضعونها في المحل الثاني، حتى قالوا أنَّ السنة هي أصلا لما كان معروفا سابقا قبل الإسلام.
هذه هي شبهة واحدة من شبهاتهم الواهية، حيث أن التناقض موجود والوهم حاصل في ثنايا كلامهم.
وتُذكِّرُنا الطبيعة الجوهرية لهذه الشبهة بالشبهة التي زعمت أن بني امية ادخلوا في السنة النبوية المطهرة ما ليس منها وجعلوه سنة نبوية، ويبدو لنا ان الشبهتين متقاربتين في لفظهما،،، لكني اقول انهما متقاربتان في بطلانهما ايضا.
فإذا كان تفيهُقُهُم صحيحا-على فرض التسليم- فهذا لا يعني ذلك انَّ الأشياء المسنونة سميت فيما بعد بسنة النبي ﵊، ثم إنَّ حقيقة السنَّة عند المسلمين متجوهرة في الطاعة المفروضة للنبي ﷺ، وليس في اللفظ اللغوي الذي انتزعوا منه حقيقة اقدميته، فلا يشك احدٌ أنَّ السنة لها معانٍ في اللغة متعددة.
حتى أن الأمر البياني في القرآن الكريم لم يأمر بإطاعة السنة بل أمر بإطاعة الرسول لأنها هي الأصل المتجوهر في الاعتقاد والمعرفة المكنونة في الفؤاد.
قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ النساء: ٥٩. وقال ﷿: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ الحشر: ٧. ثم ذكر في آية اخرى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٢)﴾ التغابن: ١٢.
فهل أمر تعالى بطاعة السنة؟ أم أمَرَ تعالى بطاعة صاحبها ﷺ؟ فأين الفائدة الاستشراقية اذًا في اللعب على أوتار المصطلحات التي لا مَشاحة فيها؟ مع العلم بأن "جولد تسيهر" لم يكن الوحيد الذي حاول تلك المحاولات، بل شاركه "مارغليوث" حين أرجع معنى السنة إلى العرف القائم، ووافقه على ذلك "شاخت" وسماها بالأعراف السائدة وغيرهم على مر العصور.
1 / 2