القول، ثم فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر الفاضل العالم، الذي على أهل الأرض أن يسموه باسم الإنسان، أو بالعالم أو بالإمام، إلى أن يسمى بدابة؛ فهذا خروج عن عادة الفصحاء وعن تعظيم العلماء.. فالأولى ما قاله أهل التفسير، والله أعلم بحقائق الأمور".
الرأي الذي نرتضيه حول الدابة:
بعد استعراض كل هذه الآراء السابقة١ في شأن الدابة، نرى أن المنهج الأرشد في هذه المسألة وما شابهها من المسائل الغيبية، أن نقف أمام ما جاءنا من كتاب الله ساجدين، وأمام ما ورد عن رسول الله مصدقين، وقد روى الإمام أحمد بسنده عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: "أشرف رسول الله ﷺ من غرفة ونحن نتذاكر أمر الساعة، فقال: "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى بن مريم ﵇، والدجال، وثلاث خسوف: خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق أو تحشر الناس؛ تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم٢ حيث قالوا"٣.
وإذا فخبر الدابة من أخبار الغيب، ومن علامات الساعة التي يجب أن نؤمن بها، والمنهج السديد حيالها هو كما عبر عنه الشيخ شلتوت ﵀ بقوله٤: "وماذا علينا لو وقفنا في حديثنا عن الغيبيات عند القدر الذي أخبر به القرآن، ثم تركنا ما وراءه من التفصيل٥ إلى اليوم الذي يأتي فيه تأويله وبيانه، وليس الخبر متعلقا بعمل مطلوب من العباد، وإنما هو إنذار ووعيد وتهديد".
الثالث عشر: تأويلات حول أخبار جهنم:
وردت في القرآن الكريم آيات مجيدة، تصف جهنم بأنها تتكلم: ﴿وَتَقُولُ هَل مِنْ مَزِيدٍ﴾، وأنها ترى أصحابها: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾، وأنها ﴿التِي تَطَّلِعُ عَلى الأَفْئِدَة﴾، وأن لها ﴿تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ ..
وكانت للمفسرين نظرات إلى هذه الآيات تختلف باختلاف مناهجهم.
فلنصطحبهم في تطوافهم.