The Healing with Ruqyah from the Quran and the Sunnah
العلاج بالرقى من الكتاب والسنة
প্রকাশক
مطبعة سفير
প্রকাশনার স্থান
الرياض
জনগুলি
سلسلة مؤلفات سعيد بن علي بن وهف القحطاني
٧٩
العلاج بالرقى من الكتاب والسنة
الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
অজানা পৃষ্ঠা
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْمُقَدِّمَةُ: أهميَّةُ العِلاجِ بِالقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
إنَّ الْحَمْدَ للِّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَأصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًَا كَثِيرًَا. أَمَّا بَعْدُ:
فَلاَ شَكَّ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّ الْعِلاجَ بِالْقُرْآنِ
1 / 3
الْكَرِيمِ، وَبِمَا ثَبتَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الرُّقَى: هُوَ عِلاَجٌ نَافِعٌ، وَشِفَاءٌ تَامٌّ، قال الله ﷿: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ (١)، وقال ﷾: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)﴾ (٢)،وَمِنْ هُنَا لِبَيَانِ الْجِنْسِ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ شِفَاءٌ كَمَا فِي الآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (٣)، وقال ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)﴾ (٤).
فَالْقُرْآنُ هُوَ الشِّفَاءُ التَّامُّ مِنْ جَمِيعِ
_________
(١) سورة فصلت، الآية: ٤٤.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٨٢.
(٣) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم، ص ٢٠.
(٤) سورة يونس، الآية: ٥٧.
1 / 4
الأَدْوَاءِ الْقَلْبِيَّةِ، وَالْبَدَنِيَّةِ، وَأدْوَاءِ الدُّنْيَا، وَالآخِرَةِ، وَمَا كُلُّ أَحَدٍ يُؤَهَّلُ وَلاَ يُوَفَّقُ لِلاِسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ، وَإِذَا أَحْسَنَ الْعَلِيلُ التَّدَاوِيَ بِهِ، وَعَالَجَ بِهِ مَرَضَهُ بِصِدْقٍ وَإيْمَانٍ، وَقَبُولٍ تَامٍّ، وَاعْتِقَادٍ جَازِمٍ، وَاسْتِيفَاءِ شُرُوطِهِ، لَمْ يُقَاوِمْهُ الدَّاءُ أَبَدًَا. وَكَيْفَ تُقَاوِمُ الأَدْوَاءُ كَلامَ رَبِّ الأرضِ وَاِّلسَّمَاءِ الَّذِي لَوْ نَزَلَ عَلَى الْجِبَالِ لَصَدَّعَهَا، أَوْ عَلَى الْأَرْضِ لَقَطَّعَهَا، فَمَا مِنْ مَرَضٍ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ إلّا وَفِي الْقُرْآنِ سَبِيلُ الدّلَالَةِ عَلَى عِلاَجِهِ، وَسَبَبِهِ، وَالْحِمِيَةِ مِنْهُ لِمَنْ رَزَقَهُ اللهُ فَهْمًا فِي
1 / 5
كِتَابِهِ. وَاللَّهُ ﷿ قَدْ ذَكَرَ فِي الْقُرْآنِ أَمْرَاضَ الْقُلُوبِ وَالأَبْدَانِ، وَطِبَّ الْقُلُوبِ وَالأَبْدَانِ:
فَأمَّا أمرَاضُ الْقُلُوبِ فَهِيَ نَوْعَانِ: مَرَضُ شُبْهَةٍ وَشَكٍّ، وَمَرَضُ شَهْوَةٍ وَغَيٍّ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَذْكُرُ أمْرَاضَ الْقُلُوبِ مُفَصّلَةً، وَيَذْكُرُ أَسْبَابَ أَمْرَاضِهَا وَعِلَاجَهَا (١)، قَالَ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١)﴾ (٢)، قَالَ الْعَلاَّمَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ ﵀: «فَمَنْ لَمْ يَشْفِهِ الْقُرْآنُ فَلَا
_________
(١) زاد المعاد لابن القيم، ٤/ ٦، و٤/ ٣٥٢.
(٢) سورة العنكبوت، الآية: ٥١.
1 / 6
شَفَاهُ اللهُ وَمَنْ لَمْ يَكْفِهِ فَلَا كَفَاهُ اللهُ» (١).
وَأَمّا أمراضُ الْأَبَدَانِ فَقَدْ أَرْشَدَ الْقُرْآنُ إِلَى أُصُولِ طِبِّهَا، وَمَجَامِعِهِ وَقَوَاعِدِهِ، وَذَلِكَ أَنّ قَوَاعِدَ طِبِّ الْأَبْدَانِ كُلَّهَا فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: حِفْظُ الصِّحّةِ، وَالْحِمْيَةُ عَنِ الْمُؤْذِي، وَاسْتِفْرَاغُ الْمَوَادِّ الْفَاسِدَةِ الْمُؤْذِيَةِ، وَالاسْتِدْلالُ بِذَلِكَ عَلَى سَائِرِ أَفْرَادِ هَذِهِ الأنْوَاعِ (٢).
وَلَوْ أَحْسَنَ الْعَبْدُ التَّدَاوِيَ بِالْقُرْآنِ؛
_________
(١) زاد المعاد، ٤/ ٣٥٢.
(٢) زاد المعاد، ٤/ ٣٥٢، و٤/ ٦.
1 / 7
لَرَأَى لِذَلِكَ تَأْثِيرًَا عَجِيبًَا فِي الشِّفَاءِ الْعَاجِلِ.
قَالَ الإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «لَقَدْ مَرّ بِي وَقْتٌ فِي مَكّةَ سَقِمْتُ فِيهِ، وَلاَ أَجِدُ طَبِيبًَا، وَلاَ دَوَاءً، فَكُنْتُ أُعَالِجُ نَفْسِي بِالْفَاتِحَةِ، فَأَرَى لَهَا تَأْثِيرًَا عَجِيبًَا: آخُذُ شَرْبَةً مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَأَقْرَؤُهَا عَلَيْهَا مِرَارًا ثُمّ أَشْرَبُهُ فَوَجَدْتُ بِذَلِكَ الْبُرْءَ التَّامَّ ثُمَّ صِرْتُ أَعْتَمِدُ ذَلِكَ عِنْد كَثِيرٍ مِنَ الْأَوْجَاعِ، فَأَنْتَفِعُ بِهِ غَايَةَ الِانْتِفَاعِ، فَكُنْتُ أَصِفُ ذَلِكَ لِمَنْ يَشْتَكِي أَلَمًَا، فَكَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَبْرَأُ سَرِيعًَا» (١).
وَكَذَلِكَ الْعِلاَجُ بِالرُّقَى النَّبَوِيَّةِ
_________
(١) انظر: زاد المعاد، ٤/ ١٧٨، والجواب الكافي، ص ٢١.
1 / 8
الثَّابِتَةِ مِنْ أَنْفَعِ الأَدْوِيَةِ، وَالدُّعَاءُ إِذَا سَلِمَ مِنَ الْمَوَانِعِ مِنْ أَنْفَعِ الأَسْبَابِ فِي دَفْعِ الْمَكْرُوهِ، وَحُصُولِ الْمَطْلُوبِ، فَهُوَ مِنْ أَنْفَعِ الأدْوِيَةِ، وَخَاصَّةً مَعَ الإِلْحَاحِ فِيهِ، وَهُوَ عَدُوُّ الْبَلاَءِ، يُدَافِعُهُ وَيُعَالِجُهُ، وَيَمْنَعُ نُزُولَهُ، أَوْ يُخَفِّفُهُ إِذَا نَزَلَ (١)؛ لقول النبي ﷺ «الدُّعاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بالدُّعاء» (٢)؛ ولقوله ﷺ: «لاَ يَرُدُّ القَضَاءَ إلاّ الدُّعاءُ، وَلاَ
_________
(١) انظر: الجواب الكافي، ص ٢٢ - ٢٥.
(٢) الترمذي، برقم ٣٥٤٨، والحاكم، ١/ ٦٧٠، وأحمد، برقم ٢٢٠٤٤، وحسنه الألباني. انظر صحيح الجامع،
٣/ ١٥١، برقم ٣٤٠٣.
1 / 9
يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إلاَّ الْبِرُّ» (١)، وَلَكِنْ هَاهُنَا أَمْرٌ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ: وَهُوَ أَنَّ الآيَاتِ، وَالأَذْكَارَ، وَالدَّعَوَاتِ، وَالتَّعَوُّذَاِتِ الَّتِي يُسْتَشْفَى بِهَا، وَيُرْقَى بِهَا، هِيَ فِي نَفْسِهَا نَافِعَةٌ شَافِيَةٌ، وَلَكِنْ تَسْتَدْعِي قَبُولَ وَقُوَّةَ الْفَاعِلِ وَتَأْثِيرَهُ، فَمَتَى تَخَلَّفَ الشِّفَاءُ كَانَ لِضَعْفِ تَأْثِيرِ الْفَاعِلِ، أوْ لِعَدَمِ قَبُولِ الْمُنْفَعِلِ، أوْ لِمَانِعٍ قَوِيٍّ فِيهِ يَمْنَعُ أَنْ يَنْجَعَ فِيهِ الدَّوَاءُ؛
فَإِنَّ الْعِلاَجَ بِالرُّقَى يَكُونُ بِأَمْرَيْنِ:
الأَمْرُ الأوَّلُ: مِنْ جِهَةِ الْمَرِيضِ، وَيَكُونُ بِقُوَّةِ نَفِسِهِ، وَصِدْقِ تَوَجُّهِهِ إِلَى
_________
(١) الحاكم، ١/ ٦٧٠، والترمذي، برقم ٢١٣٩، وحسنه الألباني. في: سلسلة الأحاديث الصحيحة، ١/ ٧٦، برقم ١٥٤.
1 / 10
اللَّهِ تَعَالَى، وَاعْتِقَادِهِ الْجَازِمِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالتَّعَوُّذِ الصَّحِيحِ الَّذِي قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ الْقَلْبُ وَاللِّسَانُ؛ فَإِنَّ هَذَا نَوْعُ مُحَارَبَةٍ، وَالْمُحَارِبُ لا يَتِمُّ لَهُ الانْتِصَارُ مِنْ عَدُوِّهِ إِلاَّ بِأَمْرَيْنِ:
أَنْ يَكُونَ السِّلاَحُ صَحِيحًَا فِي نَفْسِهِ جَيِّدًَا، وَأَنْ يَكُونَ السَّاعِدُ قَوِيًَّا، فَمَتَى تَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُغْنِ السِّلاَحُ كَثِيرَ طَائِلٍ، فَكَيْفَ إِذَا عُدِمَ الأَمْرَانُ جَمِيعًَا: يَكُونُ الْقَلْبُ خَرَابًَا مِنَ التَّوْحِيدِ، وَالتَّوَكُّلِ، وَالتَّقْوَى، وَالتَّوَجُّهِ، وَلاَ سِلاَحَ لَهُ.
الأمْرُ الثَّانِي: مِنْ جِهَةِ الْمُعَالِجِ بِالْقُرْآنِ
1 / 11
وَالسُّنَّةِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَذَانِ الأَمْرَانِ أَيْضًَا (١)؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ التِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «الرُّقَى بِالْمُعَوِّذَتِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ هُوَ الطِّبُّ الرُّوحَانِيُّ إِذَا كَانَ عَلَى لِسَانِ الْأَبْرَارِ مِنَ الْخَلْقِ حَصَلَ الشِّفَاءُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى» (٢).
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الرُّقَى عِنْدَ اجْتِمَاعِ ثَلاَثَةِ شُرُوطٍ:
الشَّرْطُ الأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ بِكَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، أَوْ كَلاَمِ رَسُولِهِ ﷺ.
_________
(١) انظر: زاد المعاد ٤/ ٦٨، والجواب الكافي ص٢١.
(٢) فتح الباري لابن حجر، ١٠/ ١٩٦.
1 / 12
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ، أَوْ بِمَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِهِ.
الشِّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ الرُّقْيَةَ لاَ تُؤَثِّرُ بِذَاتِهَا؛ بَلْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى (١)، وَالرُّقْيَةُ إِنَّمَا هِيَ سَبَبٌ مِنَ الأَسْبَابِ.
وَلِهَذِهِ الأَهَمِّيَّةِ الْبَالِغَةِ اخْتَصَرْتُ قِسْمَ الرُّقَى مِنْ كِتَابِي: «الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ وَالْعِلاَجُ بِالرُّقَى مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ»، وَزِدْتُ عَلَيْهِ فَوَائِدَ نَافِعَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَسْأَلُ اللَّهَ ﷿ بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًَا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَأَنْ يَنْفَعَنِي
_________
(١) انظر فتح الباري، ١٠/ ١٩٥، وفتاوى العلامة ابن باز، ٢/ ٣٨٤.
1 / 13
بِهِ، وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ قَرَأَهُ، أَوْ طَبَعَهُ، أَوْ كَانَ سَبَبًَا فِي نَشْرِهِ، وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ؛ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
حرر في ١٨/ ٦ / ١٤١٤هـ
1 / 14
١ - عِلاَجُ السِّحْرِ
الْعِلاَج ُالإِلَهِيُّ لِلسِّحْرِ قِسْمَانِ:
الْقِسْمُ الأَوَّلُ: مَا يُتَّقَى بِهِ السِّحْرُ قَبْلَ وُقُوعِهَِ:
١ - الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ، وَتَرْكُ جَمِيعِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَالتَّوْبَةُ مِنْ جَمِيعِ السَّيِّئَاتِ.
٢ - الإِكْثَارُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، بِحَيْثُ يَجْعَلُ لَهُ وِرْدًَا مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ.
٣ - التَّحْصُّنُ بِالدَّعَوَاتِ، وَالتَّعَوَّذَاتِ، وَالأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ: «بِسْمِ اللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرْضِ وَلاَ في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ» ثَلاَثَ
1 / 15
مَرَّاتٍ فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ (١)، وَقِرَاءَةُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ، وَعِنْدَ النَّوْمِ، وَفِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ (٢)، وَقِرَاءَةُ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَعِنْدَ النَّوْمِ، وَقَوْلِ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» مِائَةَ مَرَّةٍ كُلَّ
_________
(١) الترمذي، برقم ٣٣٨٨، وأبو داود، برقم، ٥٠٨٨، وابن ماجه، برقم ٣٨٦٩، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، ٢/ ٣٣٢.
(٢) الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ١/ ٥٦٢، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ١/ ٢٧٣، برقم ٦٥٨.
1 / 16
يَوْمٍ (١)، وَالْمَحَافَظَةُ عَلَى أَذْكَارِ الصَّبّاحِ وَالْمَسَاءِ، وَالأَذْكَارِ أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ، وَأَذْكَارِ النَّوْمِ، وَالاسْتِيقَاظِ مِنْهُ، وَأَذْكَارِ دُخُولِ الْمَنْزِلِ، وَالْخُرُوجِ مِنْهُ، وَأَذْكَارِ الرُّكُوبِ، وَأذْكَارِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ، وَدُعَاءِ دُخُولِ الْخَلاَءِ، وَالْخُرُوجِ مِنْهُ، وَدُعَاءِ مَنْ رَأَى مُبْتَلىً، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرْتُ كَثِيرًَا مِنْ ذَلِكَ فِي «حِصْنِ الْمُسْلِمِ» عَلَى حَسْبِ الأَحْوَالِ، وَالْمُنَاسَبَاتِ، وَالأَمَاكِنِ وَالأَوْقَاتِ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى
_________
(١) البخاري، ٤/ ٩٥، برقم ٣٢٩٣، ومسلم، ٤/ ٢٠٧١، برقم ٢٦٩١.
1 / 17
ذَلِكَ مِنَ الأَسْبَابِ الَّتِي تَمْنَعُ الإِصَابَةَ بِالسِّحْرِ، وَالْعَيْنِ، وَالْجَانِّ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ أَيْضًَا مِنْ أَعْظَمِ الْعِلاَجَاتِ بَعْدَ الإِصَابَةِ بِهَذِهِ الآفَاتِ وَغَيْرِهَا (١).
٤ - أَكْلُ سَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً عَلَى الرِّيقِ صَبَاحًَا إِذَا أَمْكَنَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «مَنْ اصْطَبَحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمِ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ» (٢)، وَالأَكْمَلُ
_________
(١) انظر: زاد المعاد، ٤/ ١٢٦، ومجموع فتاوى العلامة ابن باز،
٣/ ٢٧٧، وانظر الأسباب العشرة التي يندفع بها شرّ الحاسد والساحر في القسم الثالث من علاج العين، من هذا الكتاب.
(٢) البخاري مع الفتح، ١٠/ ٢٤٧، برقم ٥٤٤٥، ومسلم،
٣/ ١٦١٨، برقم ٢٠٤٧.
1 / 18
أَنْ يَكُونَ مِنْ تَمْرِ الْمَدِينَةِ مِمَّا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ، كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَيَرَى سَمَاحَةُ شَيْخِنَا الْعَلاَّمَةُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بَازٍ ﵀ أَنَّ جَمِيعَ تَمْرِ الْمَدِينَةِ تُوجَدُ فِيهِ هَذِهِ الصِّفَةُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِمَّا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا (١) حِينَ يُصْبِحُ ...» الحديث (٢).
كَمَا يَرَى ﵀ أَنَّ ذَلِكَ يُرْجَى لِمَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ غَيْرِ تَمْرِ الْمَدِينَةِ مُطْلَقًَا.
_________
(١) لابتيها: تثنية لابة، وهي الحرة، وهي أرض ذات حجارة سوداء نخرة كأنها حرقت بنار، وأراد بهما هنا: حرتان يكتنفان المدينة النبوية، انظر: فيض القدير للمناوي، ٢/ ٥١٤.
(٢) مسلم ٣/ ١٦١٨، برقم ٢٠٤٧.
1 / 19
الْقِسْمُ الثَّانِي: عِلاَجُ السِّحْرِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ:
النَّوْعُ الأَوَّلُ: اسْتِخْرَاجُهُ وَإِبْطَالُهُ إِذَا عُلِمَ مَكَانُهُ بِالطُّرُقِ الْمُبَاحَةِ شَرْعًَا، وَهَذَا مِنْ أَبْلَغِ مَا يُعَالَجُ بِهِ الْمَسْحُورُ (١).
النَّوْعُ الثَّانِي: الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّةُ، وَمِنْهَا مَا يَأْتِي (٢):
أولًا: «يَدُقُّ سَبْعَ وَرَقَاتٍ مِنْ سِدْرٍ أَخْضَرَ بَيْنَ حَجَرَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا ثُمَّ يَصُبُّ عَلَيْهَا مَا يَكْفِيْهِ لِلْغُسْلِ مِنَ الْمَاءِ وَيَقْرَأُ فِيهَا:
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، ﴿اللَّهُ لَا
_________
(١) انظر: زاد المعاد، ٤/ ١٢٤، والبخاري مع الفتح،
١٠/ ١٣٢، برقم ٥٧٦٥، ومسلم، ٤/ ١٩١٧، برقم ٢١٨٩، ومجموع فتاوى ابن باز ٣/ ٢٢٨.
(٢) انظر: فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين، ص ١٣٨.
1 / 20
إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٢٥٥)﴾ (١).
﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (١١٧) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١١٨) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (١١٩) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (١٢٠) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢)﴾ (٢). ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (٧٩) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٨٠) فَلَمَّا أَلْقَوْا
_________
(١) سورة البقرة، الآية: ٢٥٥.
(٢) سورة الأعراف، الآيات: ١١٧ - ١٢٢.
1 / 21