الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة
الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة
জনগুলি
وثمَّةَ نقطةٌ أخرى هي أننا سجلنا للفريق الأول شُبهة في نجاسة أسآر السباع مأخوذة من حديث القُلَّتين، فردُّنا عليها الآن هو أننا أثبتنا في المناقشة طهارة أسآر السباع مستدلِّين بحديث أبي هريرة الذي أخرجه الدارقطني «لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور» وهذا منطوق في طهارة الأسآر، وما دام أن حديث القُلَّتين ظني الدلالة على نجاسة الأسآر، فيُعمل بحديث طهارة الأسآر، ويُرجَّح على حديث النجاسة الظني الدلالة، لا سيما إذا علمنا أن الأصل في الأشياء الطهارة ومنها الأسآر، إلا ما استثناه الشرع بدليل خاص، ولا دليل هنا صالحًا على نجاسة أسآر السباع والدواب.
نخلص من المناقشة إلى صحة رأي الفريق الثالث القائل بطهارة أسآر البهائم والسباع والحيوانات والطيور كلها سوى سُؤر الكلب والخنزير فحسب، بعد إسقاط ما ورد فيه من استثناءات لبعض الأئمة، وهو رأي الفريق الثاني نفسُه باستثناء سُؤر الكلب والخنزير الذين أخطأوا في اعتباره طاهرًا.
وعليه فإن الماء قَلَّ أو كَثُر، إذا شرب منه أيُّ حيوان يُؤكل لحمه أو لا يُؤكل، أو أيُّ طيرٍ جارح أو غير جارح - باستثناء الكلب والخنزير - يظل طاهرًا طهورًا يصلح للوضوء والأغسال وإزالة النجاسات، ويُصنَّف في باب أقسام المياه تحت قسم الماء الطَّهور. وما أقوله عن سُؤر هذه الحيوانات أقوله عن سائر أجسامها، فلو غمس أي حيوان نفسه في الماء وخرج منه حيًا ظل الماء طَهورًا، وهذا القول الأخير ربما أتينا على بحثه مستقبلًا.
بقيت نقطة كان الأصل فيها عدم بحثها لوضوحها، إلا أن الفقهاء اختلفوا فيها، فرأيت من الواجب إبداء الرأي فيها وهي: هل سُؤر الآدمي طاهر أم نجس؟.
1 / 72