174

الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة

الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة

জনগুলি

أ - إنَّ الأحاديث التي ذكرت الاستقبال والاستدبار واضح فيها بالقرائن أنها في البيوت والعُمران بدلالة «فرأيت كنيف رسول الله ﷺ» و«على لَبِنَتين مستقبلَ بيت المقدس» و«استقبلوا بمقعدتي القِبلة» فهذه النصوص تعالج الاستقبال والاستدبار في البيوت، لأن الكُنُف واللَّبِنات تكون في البيوت والعُمران، وحديث ابن عمر الثالث يفيد المعنى نفسه، إذ يقول ابن عمر «رَقِيتُ على بيت أختي حفصة، فرأيت رسول الله ﷺ قاعدًا لحاجته» والمعلوم أن بيت حفصة زوج رسول الله ﷺ يقع في وسط بيوت المدينة إلى جوار المسجد، ولا يُتصوَّر أن يرى ابن عمر وهو على ظهر بيت أخته رسولَ الله ﷺ يبول أو يتبرَّز، إلا أن يكون الرسول ﵊ قريبًا منه في أحد البيوت وليس في الصحراء، لا سيما وأنه ﵊ كان إذا ذهب لحاجته أبعد وتغيَّب حتى لا يُرى. ب - الحديث السابع نصٌّ صريح في التفريق بين الصَّحراء وبين العمران، فقول ابن عمر «إنما نُهي عن ذلك في الفضاء» وإن كان قولًا لصحابي، إلا أنه يأخذ حكم الرفع بدلالة لفظة (نُهي)، فهذه اللفظة تدل على أن الرسول ﵊ هو الذي نهى عن ذلك في الفضاء، ومفهوم النص هذا أن النهي لا يشمل البيوت والعمران، أي بدلالة مفهوم المخالفة. فهذان الأمران يفيدان أن النهي عن الاستقبال والاستدبار إنما هو في الفضاء، أي في الخلاء وليس في البيوت، وعلى هذا المعنى يُحمل الحديث الثامن، أي أن جابرًا لا بد وأن يكون قد رآه في البيوت وليس في الصحراء، أي يُحمل الحديث العام على الأحاديث المخصِّصة. بقيت شُبهتان لا بد من التنويه بهما، هما: أ - من أين جاء القول إن اللَّبِنَات والكُنُف تكون في العمران؟ ب - كيف نفسر قول أبي أيوب الأنصاري «فوجدنا مراحيض قد بُنيت قِبَل القِبلة فننحرف عنها ونستغفر الله»؟.

1 / 174