الجامع لأحكام الصيام
الجامع لأحكام الصيام
জনগুলি
٧- كان صحابة رسول الله ﷺ يتلقَّون النصوص من القرآنِ الكريمِ والسنةِ النبويةِ تلقِّيًا طبيعيًا، كما نتلقى نحن الآن كلامَ بعضِنا لبعض، بمعنى أنهم كانوا بمجرد أن يسمعوا آيةً أو حديثًا، يفهمون المعنى المراد ببساطة العربي، وبداهة فطنته، فكانوا قَلَّما يختلفون في فهم النصوص، وقَلَّما يختلفون مِن ثمَّ في استنباط الأحكام منها، وقد جرى التابعون وتابعو التابعين على هذا النهج، ثم عندما جاء الفقهاء من بعد هؤلاء، ووُجدت عندئذ المذاهبُ الفقهية، وما صاحبها من تعصُّبٍ وتحزُّبٍ، بدأ الفقه يأخذ منحىً جديدًا، ويبتعد تدريجيًا عن طريقة التلقِّي الطبيعي، إلى طرائق يصح وصفها بأنها طرائق صناعية، بمعنى أن الصناعة في التلقِّي والاستنباط قد غلبت على اجتهادات هؤلاء الفقهاء لا سيما وأن كل فقيهٍ تابعٍ لمذهب أو إمام يُجْهِد عقَله وذِهنَه للانتصار لمذهبه وإِمامِه، ثم أخذ قسمٌ منهم بصنوف الجدل وعلم الكلام، أو قُلْ إنهم قد تأثروا قليلًا أو كثيرًا بأساليب الجدل والكلام، إضافةً إلى ما وضعوه من قواعدَ أصوليةٍ مختلفةٍ، بالغوا في توسيعها وتفريعها وتعقيدها، فصار الفقه صناعة لا يعرفها بدقائقها إلا أربابُها المتخصِّصون، ومع الزمن وقف التَّلقي الطبيعي تمامًا، واقتصر استنباط الأحكام على صُنَّاع الفقه، ثم قلَّ هؤلاء الصُّناع تدريجيًا إلى أن أُغلق باب الاجتهاد.
1 / 4