السيرة النبوية - راغب السرجاني
السيرة النبوية - راغب السرجاني
জনগুলি
حال العالم قبل البعثة النبوية
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد: فمع الدرس الثاني من سلسلة الدروس الخاصة بالمرحلة المكية من سيرة رسول الله ﷺ.
في هذا الدرس نتحدث عن الوضع في العالم قبل بعثة رسول الله ﷺ.
ولسائل أن يسأل: لماذا الحديث عن الفترة السابقة للإسلام؟ بمعنى: أننا في هذه الدروس نتحدث عن قواعد بناء الأمة الإسلامية، فما الذي يدفعنا للحديث عن فترة سابقة لفترة الإسلام؟ أقول: لن تدرك قيمة النور إلا إذا عرفت الظلام، ويكفي لبيان ذلك ذكر حديث رسول الله ﷺ في صحيح مسلم عن عياض بن حمار ﵁، فإنه ﵊ في هذا الحديث وضح حال الأرض قبل بعثته ﷺ، فقال: (إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب)، وصل حال الأرض إلى حالة من التردي والضياع الشديد، إلى الدرجة التي يمقتهم فيها الله ﷿، والمقت هو شدة الكراهية، وكلمة (بقايا) توحي بأنهم مجرد آثار، وليس ثمة أثر مباشر لهم في واقع الناس، وهذه البقايا لم تكن مجتمعات، يعني: ما كانت مثلًاَ مجتمعًا صالحًا في مكان ما على الأرض، بل كانوا أفرادًا معدودين، رجل في مدينة، ورجل في مدينة أخرى يبتعد عنه مئات أو آلاف الأميال، وهكذا.
تعالوا نخترق الزمان والمكان، نخترق الزمان بالوصول إلى ما قبل بعثة رسول الله ﷺ، ونخترق المكان بالوصول إلى كل بقعة على الأرض كانت تعاصر رسول الله ﷺ، ونتجول بين الشرق والغرب.
تعالوا نرى حال الناس، والملوك، والأخلاق، والطباع، ونرى ما يسمى بالحضارات في ذلك الزمان.
2 / 2