The Basics of Sunnah and Its Jurisprudence - The Prophetic Biography
الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية
প্রকাশক
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
সংস্করণের সংখ্যা
الطبعة الثالثة
প্রকাশনার বছর
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
জনগুলি
سعيد حوى
الأساس في السنة
وفقهها
المجلد الأول
القسم الأول
السيرة النبوية
دار السلام
للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
1 / 1
الأساس في السنة
وفقهها
السيرة النبوية
1 / 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلاَةُ وَالسّلامُ عَلَىَ رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا، إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
راجع هذا القسم ودققه
فضيلة الشيخ
عبد الحميد الأحدب
حفظه الله
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
مُقَدِّمَةُ النَّاشِر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبع سنتهم وعمل بهديهم إلى يوم الدين.
فقد روى الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله ﷺ: "تركتُ فيكم أمرين لن تضلوا ما مسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه" فلقد يسر الله لنا أن قدمنا للأمة الإسلامية تفسير كتاب الله (الأساس في التفسير) وهو يعتبر القسم الأول من سلسلة الأساس في المنهج وأرجو أن نكون وقفنا في ذلك وها نحن والحمد لله نقدم لأمتنا الغالية (التي لم تعرف قدر نفسها) الكتاب الأول من القسم الثاني من سلسلة الأساس في المنهج والمكون من خمس كتب.
والتي تمثل الأساس في السنة وفقهها، وهذا القسم له ما للتفسير من الأهمية، وخاصة في هذا العصر الذي كثرت فيه الصيحات للأخذ بالقرآن دون السنة وهذا عن جهل أحيانًا وعن علم وتخطيط ومكر أحيانًا أخرى وقد اتخذت هذه الدعوات أشكالًا شتى، تارة بالطعن فيها وتارة بطبع الكتب وتوزيعها وتارة بالتشكيك في حجيتها ونصوصها وتارة في صحة نقلها وتارة بالطعن في رواتها كما تفعل بعض الفرق الضالة. وهذا الاتجاه قديم يعود للقرن الهجري الأول فقد أخرج البيهقي بسنده عن شبيب بن أبي فضالة المكي أن عمران بن حصين ﵁ ذكر الشفاعة فقال رجل من القوم: يا أبا نجيد إنكم تحدثونا بأحاديث لم نجد لها أصلًا في القرآن فغضب عمران وقال للرجل: قرأت القرآن؟ قال: نعم. قال فهل وجدت فيه صلاة العشاء أربعًا وصلاة المغرب ثلاثًا والغداة - أي الصبح - ركعتين والظهر أربعًا والعصر أربعًا؟ قال لا. قال: فعمن أخذتم ذلك؟ ألستم عنا أخذتموه وأخذناه عن رسول الله ﷺ ... إلخ الحديث، وفي نهاية الحديث يقول عمران بن حصين ﵁ ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾. قال عمران: فقد أخذنا عن رسول الله أشياء ليس لكم بها علم.
بل إن الرسول صلى لله عليه وسلم قد أخبرنا عن أمثال هؤلاء المشككين في السنة النبوية وحذر
1 / 5
منهم فقد روى الإمام أحمد وأبو داود بسند صحيح عن المقدام بن معد يكرب ﵁ قال ﷺ: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيتُ القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله". وصدق رسول الله ﷺ. ويقول الله ﵎ ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾.
وأقول: الحمد لله الذي حفظ لنا القرآن الكريم وسنة نبيه صلى الله عيه وسلم، والشائع أن الآية الكريمة ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ هي للقرآن فقط، وإن كان هذا على أرجح الأقوال إلا أن حفظ السنة النبوية من لوازم حفظ الشريعة، وقد اختارها الله تعالى دينًا لعباده إلى قيام الساعة، وختم بها الشرائع، فكان من لوازم التدبير الإلهي أن تحفظ هذه الشريعة الغراء ولن يتحقق ذلك الحفظ إلا بحفظ أصيلها العظيمين الكتاب والسنة.
وقد انفرد هذه الأمة عن باقي الأمم بأنها حفظت نصوص دينها حفظًا دقيقًا كاملًا لا مثيل له لتبقى زاد الأمم ومصدر هدايتها إلى قيام الساعة.
إلا أن فهم هذه النصوص هي التي محل اجتهاد وتقديمها للناس بأسلوب يناسب العصور على تتابعها، والتركيز على ما يهم كل جيل من الأجيال وتلمس حاجاته ومراعاة مدى استيعابه وفهمه، وحل مشاكله. فهذا هو الذي نحن بحاجة إليه في عصرنا، فكان هذا الكتاب، الذي نأمل من الله ﵎ أن يسد ثغرة في وجه المشككين بالسنة.
وأكرر دعوة وجهتها للقارئ الكريم على صفحات المقدمة في الأساس في التفسير أن لا يألو جهدًا في توجيه النصح لنا لكي نتدارك ذلك في الطبعات القادمة إن شاء الله سواء ذلك للمؤلف حفظه الله أو للناشر فنكون له من الشاكرين، ورحم الله عملاق هذه الأمة الفاروق عمر بن الخطاب ﵁ حينما قال: رحم الله أمرأ أهدى إليَّ عيوبي.
وفي الختام اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
الناشر
عبد القادر البكار
1 / 6
بسم الله الرحمن الرحيم
تستطيع أن تقول إذا قرأت هذا الكتاب أنك كدت تحيط بمعاني السنة النبوية، لأنه حوى الهدي النبوي الذي روته أمهات كتب السنة: صحيحا البخاري ومسلم، والسنن الخمسة: لأبي داود والنسائي والترمذي وابن ماجه والدارمي، وموطأ الإمام مالك، ومسانيد: الإمام أحمد وأبي يعلي الموصلي وأبي بكر البزار، وصحيحا ابن خزيمة وابن حبان، ومعاجم الطبراني الثلاثة ومستدرك الحاكم وما تيسر جمعه من يغر هذه الكتب من صحيح السنة وحسنها.
1 / 7
مقدمة
الأساس في السنة وفقهها
وفيها
أولًا: تعريف بهذا الكتاب.
ثانيًا: التعريف بأصول هذا الكتاب ومصنفيها.
1 / 9
أولًا: تعريف بهذا الكتاب
تمهيد
أقبلت على الدعوة الإسلامية - بفضل الله - في سنِّ مبكرة من حياتي، وكانت المكتبة الإسلامية لحديثة فقيرة، وكان من أبرز الكُتَّاب الذين تصادفنا كتبهم في تلك الأيام الشيخ محمد الغزالي - أطال الله بقاءه - وكان مما قرأت له كتاب فقه السيرة، وكان مما قاله في هذا الكتاب:
إن القرآن روح الإسلام ومادته، وفي آياته المحكمة شُرِحَ دستوره وبُسِطَتْ دعوته، وقد تكفل الله بحفظه فصِينت به حقيقة الدين، وكُتِبَ لها الخلود أبد الآبدين، وكان الرجل الذي اصطفاه الله لإبلاغ آياته وحمل رسالته (قرآنًا) حيًا يسعى بين الناس، كان مثالًا لما صوَّره القرآن من إيمان وإخبات، وسعي وجهاد، وحق وقوة، وفقه وبيان، فلا جرم أن قوله وفعله وتقريره وأخلاقه وأحكامه، ونواحي حياته كلها تعد ركنًا في الدين، وشريعة للمؤمنين.
إن الله اختاره ليتحدث باسمه ويبلغ عنه، فمن أولى منه بفهم مراد الله فيما قال؟ ومن أولى منه بتحديد المسلك الذي يتواءم مع دلالات القرآن القريبة والبعيدة؟ إن تطبيق القانون لا يقل خطرًا عن صياغته، وللقانون نص وروح، وعند علاج الأحداث المختلفة لتسير وفق القانون العتيد، تجدُّ فتاوى وتدوّنُ نصائح، وتُحفظ تجارب وعِبر، وتثبت أحكام بعضها أقرب إلى حرفية النص وبعضها أدنى إلى روحه .. وهكذا.
والقرآن هو قانون الإسلام، والسنة هي تطبيقه، والمسلم مكلف باحترام هذا التطبيق تكليفه باحترام القانون نفسه، وقد أعطى الله نبيه ﷺ حق الاتباع فيما يأمر به وينهى عنه لأنه - في ذلك - لا يصدر عن نفسه بل عن توجيه ربه، فطاعته هي طاعة الله، قال الله ﷿: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ
1 / 11
حَفِيظًا﴾ (١). وقال: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (٢). وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ (٣).
إن السير في ركاب المرسلين هو الخير كله، ومن ثَمَّ كانت سنة محمد ﵊ مصدرًا لشريعته مع الكتاب الذي شرفهُ الله به، إلا أن السنن المأثورة عرض لها ما يوجب اليقظة في تلقيها، فليس كل ما ينسب إلى الرسول ﵊ سنة تقبل، ولا كل ما صحت نسبته صح فهمهن أو وُضِعَ موضعه.
والمسلمون لم يؤذوا من الأحاديث الموضوعة - لسهولة تزييفها وفضحها - قدر ما أوذوا من الأحاديث التي أُسيءَ فهمها واضطربت أوضاعها، حتى جاء أخيرًا من ينظر إلى السنن جمعاء نظرة ريبة واتهام، ويتمنى لو تخلص المسلمون منها.
وهذا خطأ من ناحيتين: إهمال الحقيقة التاريخية أولًا، فإن الدنيا لم تعرف بشرًا أحصيت آثاره ونقدت بحذر، ومُحِّصت بدقة، كما حدث ذلك في آثار محمد بن عبد الله ﷺ.
والناحية الأخرى أن في السنة كنوزًا من الحكمة العالية، لو نسب بعضها إلى أحد من الناس لكان من عظماء المصلحين، فلماذا تضيع ويحرم الناس خيرها؟!
عندما درسنا تراث محمد ﷺ في (الأخلاق) وذاكرنا أحاديثه التي تربو على الألوف في شتى الفضائل، خيل إلينا: لو أن جيشًا من علماء النفس والتربية اجتمع ليسوق للعالم مثل هذا الأدب لعجز، والأخلاق شعبة واحدة من رسالة محمد ﵊ الضخمة أهـ.
وهكذا استقر في ذهني منذ بدايات سيري إلى الله ضرورة التعرف على السنة الصحيحة والحسنة، وضرورة فهمها فهمًا صحيحًا. وبعد مطالعات كثيرة في كتب السنة وجدت أن الحاجة ملحة لوجود كتاب يجمع السنة الصحيحة والحسنة، ويقدم مع ذلك الفهم الصحيح للنصوص التي تحتاج إلى شرح أو توضيح. ومن ثم ولدت فكرة هذا الكتاب.
_________
(١) النساء: ٨٠.
(٢) النحل: ٤٤.
(٣) الحشر: ٧.
1 / 12
وأثناء مطالعاتي في كتب السنة كنت أتردد في قراءة بعض الكلمات أو الأسماء بسبب من غياب الشكل والضبط، وإذا ما أردت التحقيق كان ذلك يستغرق قسمًا من الوقت ليس قليلًا، وكثيرًا ما كانت تفوتني معاني بعض الكلمات والتراكيب، وكان ذلك يقتضي مني بحثًا طويلًا إن أردت المعرفة، فشعرت أنه إذا كان من الضروري أن تجمع السنة المعتمدة في كتاب، وأن يعرض ي هذا الكتاب الفهم الصحيح لبعض النصوص، فلابد أن يكون هذا الكتاب مشكلًا مشروحًا فيه كل ما هو غامض في حق القارئ العادي.
وأثناء مطالعاتي ف يكتب السنة كنت ألاحظ أن المؤلفين فيها ما تركوا شيئا إلا وعملوا على خدمة السنة النبوية فيه، ولكنه شيء عادي أن يتحكم في تأليف كل عصر اهتمامات ذلك العصر، فالتأليف في الأصل وليد الحاجة أو وليد الظرف، فمثلًا حيثما وجد صراع مذهبي أو وجدت فرقة ضالة أو جهل معين أو انحراف ما فلابد أن يراعى في تأليف أهل ذلك العصر مثل هذا، ومن ههنا تبرز عناوين ويركز على موضوعات، وقد يتغلب نوع من الترتيب في عصر على غيره، وقد وجدت أن موضوعات كثيرة مما تهم عصرنا لم تنل حظها من الإبراز، كما أني وجدت أن نوعًا من الترتيب يمكن أن يكون أكثر مناسبة للقارئ العادي، وأكثر تحقيقًا لبعض المعاني التربوية أو النفسية التي أحرص عليها.
وكان مما استقر ف نفسي أن احتياجات القارئ العادي غير احتياجات القارئ المختص، فالقارئ العادي يهمه الجوهر دون ما احتاجه حفظ هذا الجوهر أو تمييزه عن غيره، ولما كانت أكثر كتب الحديث تهتم بما أحاط بالسنة أو لزم لتمحيصها اهتمامها بالسنة نفسها فقد وجدت أن كتابًا ينصبُّ الكلام فيه على السنة ذاتها دون ما أحاط بها من ضرورات التحقيق هو الذي يحتاجه القارئ غير المختص في عصرنا. وهذا الكتاب للقارئ المسلم مطلقًا.
وإذ كنت أرى أن من واجبات دعاة الإسلام في عصرنا أن يقدموا للناس نصوص الكتاب والسنة بأسهل عرض وأجوده، وأقوم شرح وأعدله، خاصة وهم يريدون أن يقدموا للعالم هذا الإسلام، ويريدون أن يصوغوا الحياة عليه، فقد وجدت من الضرورة أن توجد
1 / 13
سلسلة في هذا الشأن، وهكذا تأكد لديَّ إصدار سلسلة الأساس في المنهج بأقسامها الثلاثة: (الأساس في التفسير) و(الأساس في السنة) و(الأساس في قواعد المعرفة وضوابط الفهم للنصوص).
وإذ كنت أتصور أنه لا تنضج شخصية الداعية والقائد المسلم في عصرنا إلا باستكماله دراسة عدة أمور، منها السنة النبوية، فقد رأيت أنه لابد من كتاب جامع لنصوص السنة الصحيحة والحسنة يدرسه كل من يتصدر للدعوة إلى الله أو تؤهله مؤهلاته لذلك، أو يقدمه إخوانه للقيادة الإسلامية الراشدة.
وكان هذا عاملًا من عوامل تأليف هذا الكتاب.
* * *
هذه بعض الدوافع التي دفعت إلى التفكير في إخراج هذا الكتاب. ودعني الآن أحدثك بعض الحديث عن بعض المباحث الحديثية وغيرها بين يدي ما فعلته؛ ليخرج هذا الكتاب بالشكل الذي تراه، والذي أطمع أن يكون قد حقق كل ما استهدفته منه.
(١)
انفردت الأمة الإسلامية عن جميع الأمم بأنها حفظت نصوص دينها حفظًا دقيقًا كاملًا، وذلك من معجزات الإسلام، وأن ما قاله كتابه هو الحق والصدق، يشهد لذلك تحقق قوله ﷻ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (١) فلقد حفظ القرآن حفظًا لا ينتطح فيه عنزان، وحفظت السنة النبوية التي تشرح القرآن حفظًا هو وحده معجزة، فلقد وُقِّفَتْ هذه الأمة إلى اعتماد كل ما يلزم لحفظ النصوص، وقد قامت جهود هائلة من أجل ذلك، ومن عرف حقائق هذا الأمر أدرك معجزة الإسلام هذه.
(٢)
اعتمدت الأمة الإسلامية من أجل حفظ نصوص الوحي مبدأي الرواية والتثبت،
_________
(١) الحجر: ٩.
1 / 14
وتوضَّعَتْ نتيجة لاعتماد هذين المبدأين مئات الاصطلاحات والقواعد والضوابط وعشرات العلوم وأنواع الدراسات، ونتج عن ذلك عشرات الألوف من الكتب، وكل ذلك للوصول في النهاية إلى ما يصح اعتماده من النصوص ومالا يصح.
(٣)
انصب جهد القراء على حفظ الشاردة والواردة مما له علاقة بالقرآن الكريم، أحرفه ورواياته، من الهمس فيه إلى تعدد اللهجات في النطق به، إلى استقراء طرائق الأداء التي أدى بها الرسول ﷺ هذا القرآن لشتى القبائل.
وانصبَّ جهد المحدثين على حفظ الحديث وتبيان ما داخله أو خالطه أو أدخل عليه.
وبهذا الجهد وذاك قدم القراء والمحدثون المادة الخام لكل علوم الإسلام التي انبثقت عن الكتاب والسنة، كعلم أسباب النزول وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم التفسير وعلم الأصول وعلوم العقائد والفقه والأخلاق والآداب والسلوك وعلوم السيرة والشمائل والخصائص إلى غير ذلك من علوم أمهات، ولقد وسِعَتْ هذه المادة الخام الحياة كلها؛ ولذلك فإن الدراسات والمعاني التي يمكن أن تنبثق عن الكتاب والسنة لا تتناهى.
وإذا كانت المحصلة المرادة من النصوص هي الأحكام الشرعية فقد وجد علم أصول الفقه الذي يضبط كيفية الوصول إلى الأحكام الشرعية التي تسع الزمان والمكان والتي لا تتناهى كذلك.
وهذا العلم - علم أصول الفقه - هو الذي وضع القواعد التي تضع السنة في محلها بالنسبة لأصول التشريع، والذي وضع قواعد الوصول إلى الحكم الشرعي من خلال استشراف النصوص وأصول الأحكام.
وهكذا تعاون القراء والمحدثون والمجتهدون والأصوليون والراسخون في العلم بعامة على وضع كل نص في محله بالنسبة لبناء الإسلام.
1 / 15
(٤)
وقد اشتغل المحدثون للتثبت من المرويات على محورين: محور السند، ومحور المتن.
فعلى محور السند: درسوا وضع الرواة: عدالتهم وصدقهم وضبطهم، واجتماعهم ببعضهم، وإمكانية أخذ بعضهم عن بعض، إلى غير ذلك.
وعلى محور المتن: قارنوا بين المتون المروية فإذا خالف الثقة من هو أوثق منه أو إذا خالف الثقة الثقات لم يقبلوا المتن إلا إذا أمكن الجمع بين الحديثين.
وهكذا من خلال سير السند ومقارنة المتون أحكموا أمر التثبت، ومع ذلك فإنهم لم يكتفوا بذلك بل أوجبوا على أنفسهم أن ينظروا نظرة شمولية إلى السند والمتن بعي الخبير بشأنها البصير بهما، لعلهم يكتشفون قادحًا خفيًا، ومن ثم أوجدوا ما يسمى بعلم العلل، ولم يعتبروا الحديث صحيحًا إلا إذا سلم من الشذوذ والعلة.
وهذا كله كان جهد المحدثين، وأكمل عملهم الأئمة المجتهدون، فإذا كان المحدثون مهمتهم النظر في السند والمتن ومقارنة متون السنة النبوية ببعضها البعض لمعرفة الشذوذ في الرواية، فمهمة المجتهدين أن يستشرفوا نصوص الكتاب والسنة، وأن يلحظوا ما إذا كانت رواية من الروايات تخالف معنى قرآنيًا أو قاعدة تشريعية، وهكذا أكمل المجتهد عمل المحدث، ولذلك ترى بعض النصوص صححها المحدثون ولم يأخذ بها الأئمة المجتهدون إما لاعتبارها مخالفة لنص قرآني أو لقاعدة شرعية محكمة أو لاعتبارهم إياها سنة يومية فعلها رسول الله ﷺ بحكم قيادته السياسية للدولة الإسلامية، وإذ كانت هذه القضية من أخطر القضايا لما يترتب عليها من تعطيل السنن فإنها محرمة إلا على أهل الاجتهاد، ولذلك اعتبروا من يتصدر للاجتهاد وليس أهلًا له ضالًا مضلًا؛ لما يترتب على اجتهاده من تعطيل لبعض النصوص أو مس لهيكل الشريعة.
وهكذا تضافرت جهود لا مثيل لها حتى بقيت نصوص الإسلام سليمة من الخلط أو التحريف أو التبديل أو الزيادة أو النقص، لتبقى زاد الأمم ومصدر هدايتها إلى قيام الساعة.
* * *
1 / 16
ضخامة المكتبة الحديثية:
وائذن لي أن أحدثك من أقرب طريق - عن المكتبة الحديثية، وذلك من خلال استعراض كتاب مشهور عنوانه: (الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة) لمؤلفه السيد: محمد بن جعفر الكتاني ﵀ وذلك بين يدي ما فعلت لتحقيق ما استهدفته في هذا الكتاب.
بدأ المؤلف الحديث عن المؤلفات الأولى في السنة النبوية، وذكر أعلام المؤلفين في القرنين الأول والثاني، ثم تحدث عن تتابع التأليف فقال:
ثم كثرت بعد ذلك التصانيف، وانتشرت في أنواعه وفنونه التآليف، حتى أربت على العد وارتقت من كثرتها عن التفصيل والحد، وهي مراتب متفاوتة وأنواع مختلفة، فمنها ما ينبغي لطالب الحديث البداءة به، وذكر الأصول الستة صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن أبي داود وسنن الترمذي وسنن النسائي وسنن ابن ماجه.
ثم ذكر كتب السنة التي تعتبر أساسًا لمذاهب الأئمة الأربعة فذكر موطأ الإمام مالك ومسند الإمام أبي حنيفة وقد قال في الأخير منهما:
ومسند إمام الأئمة - أيضًا - ركن الإسلام أبي حنيفة النعمان بن ثابت القارئ الكوفي فقيه العراق، المتوفى ببغداد سنة خمسين أو إحدى وخمسين ومائة، وله خمسة عشر مسندًا، وأوصلها الإمام أبو الصبر أيوب الخلوتي في ثبته إلى سبعة عشر مسندًا، كلها تنسب إليه لكونها من حديثه وإن لم تكن من تأليفه، وقد جمع بين خمسة عشر منها أبو المؤيد محمد بن محمود بن محمد بن الحسن الخطيب الخوارزمي - نسبة إلى خُوارِزم بضم الخاء وكسر الراء ناحية معلومة - المتوفى سنة خمس وخمسين وستمائة، في كتاب سماه جامع المسانيد، رتبه على ترتيب أبواب الفقه بحذف المعاد وترك تكرير الإسناد.
ثم ذكر مسند الإمام الشافعي وعرّف به ثم ذكر مسند الإمام أحمد وعرف به وبعد ذلك قال:
فهذه كتب الأئمة الأربعة وبإضافتها إلى الستة الأول تكمل الكتب العشرة التي هي أصول
1 / 17
الإسلام وعليها مدار الدين.
ثم قال: ومنها - أي ومن كتب السنة - كتب التزم أهلها فيها الصحة من غير ما تقدم. فذكر: صحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان وصحيح الحاكم وكتاب الإلزامات للدارقطني كتاب المستدرك للحافظ أبي ذر الهروي وصحيح الحافظ أبي حامد النيسابوري المعروف بابن الشرفي وكتاب الأحاديث الجياد المختارة لضياء الدين المقدسي وكتاب المنتقى لابن الجارود وكتاب المنقى لابن أصبع الأندلسي وصحيح ابن السكن، والكتب المخرّجة على الصحيحين أو أحدهما: كمستخرج الإسماعيلي، ومستخرج الغطريفي ومستخرج أبي ذهل ومستخرج ابن مردويه الكبير ومستخرج أبي عوانة ومستخرج ابن أصبع ومستخرج أبي جعفر الحبري ومستخرج محمد بن محمد النيسابوري ومستخرج الجوزقي ومستخرج الشاركي ومستخرج أبي الوليد القزويني ومستخرج أبي عمران الجويني ومستخرج أبي النصر الطوسي ومستخرج أبي عثمان الحيري ومستخرج أحمد بن سلمة النيسابوري ومستخرج أحمد بن محمد الطوسي البلاذري ... إلى كثيرين آخرين ذكرهم، لهم مستخرجات بأسانيد أخرى للصحيحين أو لأحدهما، وكلها تفيد توثيق أحاديث الصحيحين: صحيح البخاري وصحيح مسلم.
ثم تحدث عن الكتب المؤلفة في السنن، وهي الكتب المؤلفة على أبواب الفقه، فذكر زيادة على الكتب الأربعة المشهورة: سنن الإمام الشافعي للمزني وسنن النسائي الكبرى وسنن ابن جريج الرومي وسنن سعيد بن منصور وسنن الكشي وسنن محمد بن الصباح البزار وسنن أبي قرة موسى بن طارق وسنن الأشرم وسنن الخلال وسنن سهل بن أبي سهل وسنن الصفار وسنن الهمداني وسنن ابن لال وسنن النجاد وسنن بان إسحاق وسنن يوسف بن يعقوب الأزدي اللالكائي. ثم قال: فهذه هي مشاهير كتب السنة وبعضها أشهر من بعض وبإضافتها إلى السنن الأربعة السابقة تكمل كتب السنن خمسة وعشرين كتابًا.
ثم تحدث عن نوع آخر من التأليف، وهو في الحض على اتباع السنة وترك الأهواء والبدع، فذكر ستة عشر كتابًا.
1 / 18
ثم ذكر نوعًا آخر من التآليف في السنة وهي كتب مرتبة على الأبواب الفقهية، مشتملة على السنن وما هو في حيزها أو له تعلق بها بعضها يسمى مصنفًا وبعضها جامعًا وغير ذلك سوى ما تقدم، فذكر اثنين وعشرين كتابًا.
ثم ذكر نوعًا آخر من التصانيف وهي الكتب المفردة في الآداب والأخلاق والترغيب والترهيب والفضائل ونحو ذلك فذكر حوالي مئة وأربعين كتابًا.
ثم ذكر نوعًا آخر من التصانيف وهي كتب المسانيد - جمع مسند - وهي الكتب التي موضوعها جعل حديث كل صحابي على حدة صحيحًا كان أو حسنًا أو ضعيفًا، مرتبين على حروف الهجاء أو على القبائل أو على السابقة في الإسلام أو الشرف في النسب، وقد يقتصر في بعضها على أحاديث صحابي واحد أو أكثر.
قال: (والمسانيد كثيرة جدًا) ثم عدد ما تيسر له ذكره منها فذكر اثنين وثمانين مسندًا
ثم ذكر كتبًا لم تؤلف في السنة قصدًا، ولكنها حوت الكثير من نصوصها، ككتب التفسير والكتب المؤلفة في المصاحف والقراءات وكتب الناسخ والمنسوخ وذكر أسماء العشرات منها.
ثم تحدث عما يُسمى بالأجزاء الحديثية وهي كتب مفردة في موضوع أو في روايات أو مرويات فذكر العشرات منها.
ثم ذكر كتبًا مؤلفة تحت عنوان (الفوائد) فذكر كثيرًا منها.
ثم ذكر ما يُسمَّى خصوصيات انفرد بها بعض الأئمة وألف فيها آخرون فذكر الكثير من ذلك.
ثم تحدث عن كتب الشمائل النبوية والسير المصطفوية والمغازي فذكر منها تسعة
1 / 19
وعشرين كتابًا.
ثم تحدث عن نوع من الكتب يجمع أحاديث شيوخ بأعيانهم فذكر أحد عشر كتابًا.
ثم ذكر كتبًا تجمع طرق بعض الأحاديث فذكر عشرة كتب.
ثم تحدث عن نوع من الكتب فذكر رواية بعض الأئمة المشهورين فذكر اثني عشر كتابًا.
ثم ذكر الكتب التي تتحدث عن الأحاديث الأفراد فذكر أربعة كتب.
ثم تحدث عن الكتب التي تتحدث عن المتفق لفظًا وخطأ والمفترق معنى من الأسماء والألقاب والأنساب وعن المتفق خطا والمختلف لفظًا .. وذكر ثلاثة وثلاثين كتابًا مؤلفًا فيها.
ثم تحدث عن نوع آخر من التأليف وهو في مهمات الأسانيد والمتون فذكر ثلاثة عشر كتابًا.
ثم تحدث عن كتب الأنساب فذكر أحد عشر كتابًا.
ثم تحدث عن الكتب المؤلفة في معرفة الصحابة فذكر ثمانية عشر كتابًا.
ثم تحدث عن الكتب المؤلفة في تواريخ الرجال وأحوالهم فذكر ثلاثة عشر كتابًا.
ثم تحدث عن كتب المعاجم، وهي الكتب التي تذكر الأحاديث على ترتيب الصحابة أو الشيوخ أو البلدان أو غير ذلك فذكر ثلاثة وأربعين معجمًا.
ثم تحدث عن كتب الطبقات وهي التي تشتمل على ذكر الشيوخ وأحوالهم ورواياتهم طبقة بعد طبقة وعصرًا بعد عصر إلى زمن المؤلف فذكر ثمانية عشر كتابًا.
ثم تحدث عن كتب المشيخات، وهي التي تشتمل على ذكر الشيوخ الذين لقيهم مؤلف وأخذ عنهم، أو أجازوه وإن لم يلقهم فذكر ثلاثة عشر كتابًا.
1 / 20
ثم تحدث عن الكتب المؤلفة في علوم الحديث - أي مصطلحه -، ذكرت فيها أحاديث بأسانيد فذكر منها ثمانية كتب.
ثم تحدث عن الكتب التي تتحدث عن الضعفاء من الرواة، أو تتحدث عن الثقات، فذكر خمسة وعشرين كتابًا.
ثم ذكر الكتب التي تتحدث عن الأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله ﷺ فذكر ثلاثة وعشرين كتابًا.
ثم ذكر الكتب المؤلفة في غريب الحديث - أي في شرح الكلمات الغامضة منه - فذكر سبعة عشر كتابًا.
ثم ذكر كتبًا تتحدث عن مشكل الحديث وهي كتب تجمع بن النصوص فترد المتشابه إلى المحكم او ترجح النسخ أو عدمه فذكر خمسة كتب.
وهناك كتب الأمالي التي يملي فيها الشيخ على تلاميذه في جلسات عامة فتسجل، ذكر منها واحدًا وثلاثين كتابًا.
ثم ذكر الكتب التي تتحدث عن رواية الأكابر عن الأصاغر، ورواية الآباء عن الأبناء والعكس، فذكر ستة كتب مؤلفة فيها.
ثم تحدث عن الكتب التي يجمع فهيا الأسانيد العالية أي التي يقل فيها الرواية بين الشيخ وبين رسول الله ﷺ فذكر أربعة عشر كتابًا.
ثم ذكر كتبًا في التصوف فيها أحاديث بأسانيد فذكر ثلاثة عشر كتابًا.
ثم تحدث عن كتب الأطراف، وهي التي يقتصر فيها على ذرك طرف الحديث الدالِّ على بقيته، مع الجمع لأسانيده إما على طريق الاستيعاب أو على جهة التقيد بكتب مخصوصة، فذكر خمسة عشر كتابًا.
ثم تحدث عن كتب الزوائد، أي الأحاديث التي تزيد فيها بعض كتب الحديث على بعض آخر معين منها، كزوائد سنن ابن ماجه على كتب الحفاظ الخمسة للشهاب البوصيري،
1 / 21
فذكر تسعة عشر كتابًا.
ثم ذكر الكتب التي تجمع بين بعض الكتب الحديثية فذكر سبعة عشر كتابًا.
ثم ذكر كتبًا مجردة من الأسانيد أو كتبًا فيها أحاديث منتقاة فذكر واحدًا وثلاثين كتابًا.
ثم ذكر كتبًا تختص بتخريج الأحاديث الواردة في كتب بعض المصنفين فذكر ثلاثة وأربعين كتابًا.
ثم ذكر بعض الكتب التي تتحدث عن الأحاديث المشتهرة على الألسنة فذكر أحد عشر كتابًا.
ثم تحدث عن الكتب التي جمعت فتاوى مبناها على النصوص، والتي تسمى الفتاوى الحديثية، فذكر منها ستة كتب.
ثم تحدث عن كتب تجمع نوعًا من الحديث كالحديث المتواتر، فذكر خمسة كتب.
ثم ذكر كتبًا في التفسير والشروح الحديثية لأهلها اعتناء بالحديث ومعرفة به وإكثار من رواياته، فذكر عشرة كتب.
ثم ذكر كتبًا في السيرة النبوية والخصائص المحمدية غير ما سبق، فتحدث عن ثلاثة وثلاثين كتابًا.
ثم تحدث عن كتب في أسماء الصحابة غير ما ذكر، فذكر ثلاثة عشر كتابًا.
ثم تحدث عن كتب تذكر أحوال الرواة وتضبط أسماءهم وأسماء بلدانهم غير ما ذكره من قبل، فذكر ثلاثة وخمسين كتابًا.
ثم تحدث عن كتب الوفيات فذكر أربعة عشر كتابًا.
ثم تحدث عن كتب مصطلح الحديث فذكر ستة وثلاثين كتابًا.
ثم ختم كتابه بالحض على الاشتغال بعلوم الحديث.
* * *
1 / 22
من هذا العرض المختصر ندرك الجهود الهائلة التي بذلتها الأمة الإسلامية في خدمة سنة نبيها ﷺ حتى تبقى غضة طرية متميزة عما سواها، معلمًا للهداية الربانية، فإذا ما ألقيت نظرة على كتب مصطلح الحديث تجد الدقة العلمية في البحث بما لا تطال العقول أرفع منه، ولا تحكم العقول بأن هناك أكثر منهجية في الوصول إلى الحق الخالص منه، فهناك قواعد لجرح وتعديل الرواة، وهناك قواعد تُسيرُ بها المتون.
وكأثر عن هذا كله ميز العلماء بين أكثر من خمسين نوعًا من أنواع الأحاديث كلها متفرعة عن دراسة السند والمتن، وكل ذلك في النهاية للوصول إلى ما تبنى عليه الأحكام من المرويات، كالأحاديث المتواترة لفظًا ومعنى، أو معنى فقط، والأحاديث الصحيحة والحسنة، ومن أجل ذلك كتبوا كل رواية لأن الروايات الضعيفة يمكن أن يكون لها دخل في تحسين حديث أو في تصحيحه، واقتضى ذلك منهم جهودًا كبيرة، حتى إن الإمام أحمد كان يحفظ مليون حديث بأسانيدها ومتونها، وهذا يعني بالضرورة أنه دخل كثيرون من الرجال تحت أشعة رصده، فإذا ما عرفنا أن تشعب الروايات يكثر كلما تطاول الزمن أدركنا كم من الجهود بذلت في خدمة السنة النبوية. ومن أجل الوصول إلى هذا الجوهر كم وجدت من دراسات وتوضعت من قواعد، ويكفي أن تقرأ كتابًا في مصطلح الحديث حتى تدرك جلل ما تذكره لك.
فمن أجل تمحيص الرواية وُجدتْ علوم كعلم الوفيات وسني الولادة، ووجدت دراسات مستوعبة عن كل راوٍ، عن عقيدته وسلوكه وصدقه وكذبه وعن عوامل الجرح أو التعديل في حياته، ومن أجل المتن وجدت علوم كعلم المقارنة بين المتون لمعرفة العلل والشذوذ، ولمعرفة الناسخ والمنسوخ، وتوضعت نتيجة لذلك مصطلحات.
ثم كان علم أصول الفقه هو العلم المكمل بالنسبة للسنة النبوية، إذ أنه هو العلم الذي تحدث عن محل السنة بالنسبة لأصول التشريع الأربعة الرئيسية وهي: الكتاب والسنة والإجماع والقياس. وهو الذي تحدث عن قوة إلزامية السنة بحسب كونها متواترة أو صحيحة أو حسنة أو غير ذلك، وهو الذي وضع القواعد التي تجمع بين النصوص بعضها مع بعض وبين
1 / 23