245

السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق

السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق

সংস্করণ

الأولى

প্রকাশনার বছর

سنة ٢٠٠٠ م

জনগুলি

تَوَلِّيهِ القَضَاءَ:
وأخيرًا يعيب «جولدتسيهر» على الزُّهْرِيِّ أنه تولى القضاء ليزيد الثاني، وقد كان عليه - لو كان تَقِيًّا - أن يهرب كما هرب الشعبي والصالحون، فهل هذا النقد حق؟ أما منصب القضاء فما نعلم أحدًا عَدَّهُ مُوجِبًا للجرح والاتهام في العدالة، وقد وَلَّى رسول الله ﷺ القضاء عَلِيَّ بن أبي طالب ومُعاذَ بن جبل ومعقل بن يسار وغيرهم، وتولى كثيرون من التَّابِعِينَ القضاء لبني أمية وغيرهم».
وهذا شُرَيْحٌ، وأبو إدريس الخولاني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وكثير غيرهم تولوا القضاء في عهد بني أمية، ومنهم من تولى القضاء لِلْحَجَّاج نفسه، وما نعلم أن أحدًا جَرَّحَ هؤلاء العلماء لتوليهم القضاء، أما أن الشعبي كان يهرب من القضاء، وأنه حارب الحَجَّاجَ مع ابن الأشعث، فها هنا مغالطة منكرة، إذ الواقع أن الشعبي بعد أن حارب الحَجَّاجَ تولى القضاء في عهد الحَجَّاجِ ليزيد بن عبد الملك بعد خمود فتنة ابن الأشعث، فلماذا تجاهل آخر الأمر الذي كان عليه الشعبي وهو الأولى بالاحتجاج؟
أما زعمه بأن الأتقياء كانوا يتحرزون من القضاء ويعدون توليه مُسْقِطًا للثقة بالقاضي، واحتجاجه بحديث: «مَنْ وَلِيَ القَضَاءَ أَوْ جُعِلَ قَاضِيًا فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» (١) فهذا نقل عن أئمتنا لا يتفق مع الواقع، فقد نصوا على أن القضاء تعتريه الأحكام الخمسة، وأن تولي القضاء لِلْظلَمَةِ جائز بلا نزاع، وأن المراد بقوله: «مَنْ تَوَلَّى القَضَاءَ ... الخ» حث القاضي على أن يتوقى الحُكْمَ ويعدل فيه.
قال شيخ الإسلام المرغيناني في " الهداية ": «[ثُمَّ] يَجُوزُ التَّقَلُّدُ مِنَ السُّلْطَانِ الجَائِرِ كَمَا يَجُوزُ مِنَ العَادِلِ، لأَنَّ الصَّحَابَةَ ﵃[تقلَّدُوهُ] مِنْ

(١) أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة وقال: حسن غريب (٦/ ٦٦ - " سنن الترمذي بشرح ابن العربي ").

1 / 251