السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق
السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق
সংস্করণ
الأولى
প্রকাশনার বছর
سنة ٢٠٠٠ م
জনগুলি
الناس إليها ويطوفوا حولها بدلًا من الكعبة، ثم أراد أن يحمل الناس على الحج إليها بعقيدة دينية، فوجد الزُّهْرِي وهو ذائع الصيت في الأُمَّة الاسلامية مستعدًا لأن يضع له أحاديث في ذلك، فوضع أحاديث، منما حديث: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الأَقْصَى». ومنها حديث: «الصَلاَةُ فِي المَسْجِدِ الأَقْصَى تَعْدِلُ أَلْفَ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ» وأمثال هذين الحديثين، والدليل على أن الزُّهْرِي هو واضع هذه الأحاديث، أنه كان صديقًا لعبد الملك وكان يتردد عليه، وأنَّ الأحاديث التي وردت في فضائل بيت المقدس مروية من طريق الزُّهْرِي فقط.
أما كيف وجه الأُمَوِيُّونَ هِمَّتَهُمْ إلى أنْ يَنْشُرُوا أحاديث توافق رغبتهم وكيف استغلُّوا لذلك أناسًا من نوع (الزُّهْرِي) الرجل الصالح، استغلالًا ليس من نوع الاستغلال المادي، بل من نوع الدهاء، فإنَّ ذلك يظهر لنا من بعض الأخبار التي لا تزال محفوظة عند الخطيب البغدادي، ويمكن استخدامها هنا فنجد فيه أخبارًا من طرق مختلفة عن عبد الرزاق بن هَمَّامٍ (- ٢١١ هـ) عن معمر بن راشد (- ١٥٤ هـ) الذي كان مِمَّنْ يسمع من الزُّهْرِي، وهو أنَّ الوليد بن إبراهيم الأموي جاء إلى الزُّهْرِي بصحيفة وضعها أمامه وطلب إليه أنْ يأذن له بنشر أحاديث فيها على أنه سمعها منه، فأجازه الزُّهْرِي على ذلك من غير تَرَدُّدٍ كثير وقال له: من يستطيع أن يخبرك بها غيري؟ وهكذا استطاع الأموي أنْ يروي ما كتب في الصحيفة على أنها مروية عن الزُّهْرِي، وهذا يتفق مع ما ذكر سابقًا من أمثلة عن استعداد الزُّهْرِي لإجابة رغبة البيت المالك بالوسائل الدينية، وقد كانت تقواه تجعله يشك أحيانًا لكنه لا يتسطيع دائمًا أنْ يتحاشى الدوائر الحكومية، وقد حدثنا معمر عن الزُّهْرِي بكلمة مُهِمَّةٍ وهي قوله: «أَكْرَهَنَا هَؤُلاَءِ الأَمَرَاءِ عَلَى أَنْ نَكْتُبَ " أَحَادِيثَ "». فهذا الخبر يفهم استعداد الزُّهْرِي لأنْ يكسو رغبات الحكومة باسمه المعترف به عند الأمَّة الإسلامية، ولم يكن الزُّهْرِي من أولئك الذين لا يمكن الاتفاق معهم، ولكنه كان مِمَّنْ يرى العمل مع
1 / 216