منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

আব্দুল রহমান আল-শাহেম d. 1442 AH
91

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

জনগুলি

فَفِي سِيَاق آيَات "آل عمران": (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٠١» ثم قال: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). فيَظْهَر أنَّ الأمْر بالتَّقْوى هُنَا حَقّ التَّقْوَى عَلى ظَاهِره، إذْ لا مَصْلَحَة في طَاعَة أهْل الكِتَاب، وأنّ طَاعَتهم مُفْضِية إلى النَّكُوص على الأعْقَاب، ولذا خُتِمت الآية بـ (وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، ومِمَّا يُؤكّد هَذا القَوْل ويُؤيِّد هَذا الْمَذْهَب أنَّ النبي ﷺ لَم يَكُنْ يُعْمِل العُموم في هاتين الآيَتَين في الْوَصِيَّة بالتَّقْوى، كمَا أعْمل غيرهما (^١). وبهذا تَكُون كُلّ آيَة في سِيَاقِها لَهَا دَلالَتها، ولا تَعَارُض بَيْن الآيَات. وقَد تَقرَّر أنه إذا وَرَد التَّرْغِيب في القُرْآن "قارَنَه التَّرْهِيب في لَواحِقه أوْ سَوابقه أوْ قَرائنِه، وبالعَكْس، وكَذلك التَّرْجِيَة مَع التَّخْويف .... وقد يُغَلَّب أحَد الطَّرَفَين عَلى الآخَر بِحَسب الْمَوَاطِن ومُقْتَضَيات الْحَال .... ولَمَّا كَان جَانِب الإخْلال مِنْ العِبَاد أغْلَب؛ كَان جَانِب التَّخْويف أغْلَب، وذَلك في مَظانِّه الْخَاصَّة لا عَلى الإطْلاق" (^٢). الوَجْه الثَّالِث: أنَّ مِنْ مَعاني التَّقْوَى "أدَاء مَا افْتَرض الله، وتَرْك مَا حَرَّم الله" (^٣). وأنّ أدَاء الفَرَائض عَلى حَسب الاسْتِطَاعَة، لِحَدِيث أبي هُريرة الْمُتَقَدِّم، وفِيه: "إذا أمَرْتُكُم بأمْرٍ فأتُوا مِنه مَا اسْتَطَعْتُم" (^٤)، ولِقَوْل النبي ﷺ لِعُمْرَان بن حُصِين: صَلِّ قائمًا، فإن لم تَستطع فَقَاعِدا، فإن لم تستطع فَعَلى جَنْب (^٥). فإذا أدَّى الْمُؤمِن مَا يَجِب عَليه حَسب اسْتِطَاعَته في مثل هذه الْحَالَة، فقد اتَّقَى الله حقّ تُقَاتِه، ولا تَثْرِيب عَليه.

(^١) انظر: خُطبة الحاجة التي كان النبي ﷺ يُعَلِّمُها أصحابه؛ الألباني. (^٢) الموافقات، الشاطبي (٤/ ١٦٧ - ١٧١). (^٣) ذَكَره ابن رجب في "جامع العلوم والْحِكَم" (١/ ٩٦) عن عمر بن عبد العزيز. (^٤) سبق تخريجه، وهو مُخرّج في الصحيحين. (^٥) رواه البخاري (ح ١٠٦٦).

1 / 91